من أفراخ (١) الأمراء عليه وجبههم ، فأشار الى حسام الدين طمان رحمه الله أن يسفر له مع السلطان قدس الله روحه في اعادة بلاده وتسليم حلب اليه.
واستقرت القاعدة ، ولم يشعر أحد من الرعية ولا من العسكر حتى تم الأمر ، وانحكمت القاعدة واستفاض ذلك ، واستعلم العسكر منه ذلك فأعلمهم ، وأذن لهم في تدبير أنفسهم ، فأنفذوا عنهم وعن الرعية جورديك النوري وبيلك الياروقي فقعدوا عنه الى الليل ، واستحلفوه على العسكر وعلى أهل البلد ، وذلك في سابع عشر صفر سنة تسع وسبعين ، وخرجت العساكر الى خدمته الى الميدان (٢١٩ ـ ظ) الأخضر ومقدموا حلب ، وخلع عليهم ، وطيب قلوبهم ، وأقام عماد الدين بالقلعة يقضي أشغاله وينقل أقمشته وخزائنه ، والسلطان مقيم بالميدان الأخضر الى يوم الخميس ثالث عشر صفر ، وفي ذلك اليوم نزل عماد الدين الى خدمته وسيّر معه بالميدان الأخضر وتقرر بينهما قواعد ، وأنزله عنده في الخيمة وقدّم له تقدمة سنيّة وخيلا جميلة ، وخلع على جماعة من أصحابه ، وسار عماد الدين من يومه الى قراحصار سائرا الى سنجار ، فأقام السلطان بالمخيم بعد مسير عماد الدين الى يوم الاثنين سابع وعشرين صفر ، ثم في ذلك اليوم صعد قدّس الله روحه قلعة حلب مسرورا منصورا (٢).
أنشدت لزنكي بن مودود صاحب سنجار دو بيت :
السكر صار كاسدا من شفتيه |
|
والبدر تراه ساجدا بين يديه |
والحسن عليه كلّ شيء وافر |
|
إلّا فمه فانه ضاق عليه |
توفي عماد الدين زنكي بن مودود بسنجار ، ودفن بالمدرسة التي أنشأها ظاهر مدينة سنجار رحمه الله.
__________________
(١) الاضراس : اشتداد الزمان ، والافراخ : الافزاع ـ القاموس.
(٢) انظر سيرة صلاح الدين لابن شداد ـ ط. القاهرة ١٩٠٣ ص ٣٩.