يشاهده من غيرهم ، وصعد الرئيس (١) بحلب مقدم الأحداث إلى عماد الدين ووبّخه على ذلك ، فقال له وهو في القلعة : لم نخرج منها بعد فما فات شيء فاستهزأ به الرئيس وجمع له الحلبييون والأجناد إجانات الغسالين إلى تحت القلعة يشيرون بذلك الى أنه يغسل فيها كالمخانيث ، وعمل عوام حلب فيه شعرا ملحونا من نظم العامة الجهال ، وكانوا يغنون بها ويدقون على طبل لهم منها :
يا حباب قلبي لا تلوموني |
|
هذا عماد الدين مجنون |
قايض بسنجار لقلعة حلب |
|
وزاده المولى نصيبين |
(٢١٧ ـ ظ)
قال : وضرب آخر من العوام السفلة على طبله وقال مشيرا الى عماد الدين :
وبعت بسنجار قلعة حلب عدمتك من بايع مشتري
خريت على حلب خرية نسخت بها خرية الأشعري
وقرأت بخط أبي غالب عبد الواحد بن الحصين ـ فيما كتبه بخطّه ـ عن القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي في دستوره الذي جعله تاريخا للماجريات في كل يوم بعضه بخط الفاضل وبعضه بخط الحصين ، قال : يوم الجمعة سابع عشر صفر ـ يعني ـ من سنة تسع وسبعين وخمسمائة في ليلة خرج الحسام طمان ، واجتمع بالسلطان وتقرر الأمر في تسليم حلب إلى السلطان وقلعتها ، وأخذ العوض عنها سنجار ، ونصيبين ، والخابور والرقة ، وسروج وعقد المصافاة مع العماد على المساعدة في الغزو بعسكر سروج والرقة متى استدعوا للجهاد ، وأن يساعد بنفسه وباقي رجاله متى خفّ ركابه لذلك ، وأن يتابع السلطان في حالتي سلمه وحربه ، ويخلص في طاعته في بعده وقربه ، وحررت من الجانبين نسخة يمين يستحلف بأحديهما العماد ويحلف هو بالأخرى.
وقال : خرج في آخر نهار هذا اليوم حسام الدين طمان وجورديك وجماعة
__________________
(١) عرفت حلب وغيرها من مدن الشام ولا سيما دمشق منصب رئيس المدينة منذ القرن الحامس أو قبيل ذلك ، وغالبا ما كان مقدم الاحداث هو الشاغل لهذا المنصب ، وهذا ما مكنه من شغل دور فعال ومؤثر.