من غلمانه يشربون فضل شرابه ، فتوعدهم ، ونام فأجمعوا على قتله ، فقتله يرنقش المذكور.
سمعت والدي رحمه الله يقول : (٢١٣ ـ ظ) أن حارس أتابك كان يحرسه في الليلة التي قتل فيها بهذين البيتين :
يا راقد الليل مسرورا بأوله |
|
إن الحوادث قد يطرقن أسحارا |
لا تأمنن بليل طاب أوله |
|
فرب آخر ليل أجج النارا |
قرأت في تاريخ حران تأليف أبي المحاسن بن سلامة الحراني قال : فلما كان في سنة أربعين وخمسمائة نزل ـ يعني ـ أتابك زنكي على قلعة جعبر بالمرج الشرقي تحت القلعة يوم الثلاثاء ثالث ذي الحجة ، فأقام عليها الى ليلة الأحد سادس ربيع الآخر نصف الليل من سنة إحدى وأربعين وخمسمائة ، فقتله يرنقش الخادم كان تهدده في النهار فخاف منه فقتله في الليل في فراشه ، وجاء الى تحت القلعة فنادى أهل القلعة شيلوني ، فقد قتلت السلطان ، فقالوا له : اذهب الى لعنة الله قد قتلت المسلمين كلهم بقتله (١) ، وافترقت العساكر فأخذ أولاد الداية نور الدين محمود الملك العادل ابن عماد الدين زنكي وطلبوا حلب والشام فملكها ، وسار أجناد الموصل بسيف الدين غازي الى الموصل وأعمالها فملكها وملك الجزيرة ، وبقي عماد الدين أتابك زنكي وحده فخرج اليه أهل الرافقة فغسلوه بقحف جرّة ودفنوه على باب مشهد الإمام علي عليه السلام في جوار الشهداء من الصحابة ، وبنى بنوه عليه قبة فهي باقية الى الآن.
كذا قال أبو المحاسن ، وإنما دفن أولا داخل مشهد علي رضي الله عنه قريبا من الباب (٢١٤ ـ و) ثم نقل من ذلك الموضع الى جوار الشهداء لما نذكره بعد هذا ، وبني عليه ولده نور الدين محمود حائطا يقصر عن القامة ولم يبن عليه قبة.
أخبرني الأمير بدران بن جناح الدولة حسين بن مالك بن سالم بن مالك العقيلي قال : لما طال حصار أتابك زنكي لعمي علي بن مالك على قلعة جعبر تقدم حسان
__________________
(١) يعزو المؤرخ الفرنجي وليم الصوري ، وقد اعتمد على روايات معاصرة ، مقتل زنكي الى مؤامرة دبرها صاحب قلعة جعبر.