وقال العظيمي : وفي جمادى الآخرة ـ يعني ـ من سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة عاد الأمير عماد الدين قسيم الدولة زنكي من عند السلطان الى الموصل ومعه طغراء (١) بتجديد الجزيرتين والشام وحلب والشط ، وما اتصل بذلك ، بعدما خرج عن يده بالدركاه مائة وعشرون ألف دينار.
قال : وفي مستهل رجب ـ يعني ـ من سنة أربع وعشرين ، وصل عماد الدين زنكي بن آق سنقر الى أكناف الفرات وفتح قلعة السن (٢) ، وسير سرية تقدمت مع الثقل الى باب حلب ، ونهضت الخيل أغارت على بلد عزاز ، وعاثوا في بلد جوسلين مقابلة له على قديم قبيحه في غيبة الأمير قسيم الدولة ، ثم عبر الأمير قسيم الدولة بتاريخ الأحد ثامن عشرين رجب ، فخيم بظاهر حلب ، وتكررت الرسل في الصلح ، فاصطلحوا مدة سنة ، وكان الأمير قد رعى زرع الرها في طريقه (٢٠٨ ـ و) وظفر بالتركمان أيضا وكسرهم.
قال : وفي هذه المدة تزوج أتابك قسيم الدولة بخاتون بنت الملك رضوان ، ودخل بها ليلة الاثنين في عشرين من شعبان.
قال : وفي يوم الاثنين عاشر شوال تسلم أتابك عماد الدين حماه ، وقبض على خير خان صاحب حمص ، وأنهب عسكره وخف الى حمص ، فنزل ربضها ، وطلب من أولاد خير خان التسليم ، فامتنعوا وشبت الحرب بينهم وشنّع على الأمير أطسيس ابن ترك فقتلوه ، ورمي برأسه ، ونقبوا القلعة فبطل النقب ونصبت المجانيق فبطلت ، وطال الشرح ، فهجم الشتاء ، فعاد العسكر الى حلب ثاني ذي الحجة.
وقال فيها : يعني ـ سنة خمس وعشرين وخمسمائة في المحرم ، سار أتابك عماد الدين مشرقا يوم الخميس غرته ، وكان السلطان محمود شتى ببغداد ، فلما كان في ثالث عشر ربيع الآخر شرق نحو أصبهان وبلغه أن أخاه باين بالعداوة ، فرد أمر العراق الى عماد الدين قسيم الدولة زنكي مضافا الى ما كان في يده من الجزيرة
__________________
(١) مرسوم عليه توقيع (طغراء) السلطان.
(٢) السن مدينة على دجلة فوق تكريت عند مصب الزاب الاسفل. معجم البلدان.