الذي بين يدي الابواب ، وأخرج ألف ألف درهم بيضا صحاحا للنثار على من في الصحن من خلفاء القواد والنقباء.
قال شفيع : فوجهت الى أحمد بن جناب الجوهري فأقام معنا حتى صنفنا في عشر صواني من الجوهر الابيض والاحمر والاخضر والازرق بقيمة مائة ألف دينار ، ووزن كل صينية ثلاثة آلاف درهم ، وقال شفيع لابن جناب : اجعل في صينية من هذه الصواني جوهرا يكون قيمته خمسة آلاف دينار وانتقصه من باقي الصواني حتى يكون في كل واحدة تسعة آلاف وخمسمائة دينار ، فإن أمير المؤمنين أمرني أن أدفع هذه الصينية الى محمد بن عمران مؤدب الامير أبي عبد الله إذا فرغ من خطبته ، ففعل ذلك وشدوا كل صينية في منديل وختمت بخاتم شفيع ، وتقدم شفيع الى كل من كان معه من الخدم أن ينثروا العين في الرواق ، والورق في الصحن ، ووعز الى الناس من الاكابر ووجوه الموالي (١٥٦ ـ و) والشاكرية (١) بحضور بركوارا في يوم سمي لهم ليشهدوا خطبة الامير المعتز ، وكتب الى محمد بن عبد الله وهو بمدينة السلام بالقدوم الى سرّ من رأى لحضور الحذاق.
قال : فتوافى الناس الى بركوارا قبل ذلك بثلاثة أيام وضربت المضارب ، وانحدر المتوكل غداة ذلك اليوم ومعه قبيحة ومن اختصت من حرم المتوكل وحشمها الى بركوارا ، وجلس المتوكل في الإيوان على منصته ، وأخرج منبر آبنوس مضبب (٢) بالذهب ، مرصع بالجوهر مقانعه (٣) عاج ، وقال بعضهم : عود هندي ، فنصب تجاه المنصّة وسط الإيوان ، ثم أمر بادخال محمد بن عمران المؤدب فدخل فسلّم على أمير المؤمنين بالخلافة ودعا له ، فجعل أمير المؤمنين يستدنيه حتى جلس بين يدي المنبر ، وخرج المعتز من باب في حنية الإيوان حتى صعد المنبر ، فسلم على أمير المؤمنين ، وعلى من حضر ، ثم خطب فلما فرغ من خطبته دفعت الصينية الى محمد بن عمران ، ونثر شفيع صواني الجوهر على من في الايوان ، ونثر الخدم الذين كانوا في الرواق والصحن ما كان معهم من العين والورق وأقام المتوكل ببركوارا أياما في يوم
__________________
(١) أي الاتباع.
(٢) مغطى : محاط ـ القاموس.
(٣) المقنع والمقنعة ما تقنع به المرأة رأسها ـ القاموس.