قلت : وبم وصفه النابغة؟ فقال : بقوله :
كليني لهمّ يا أميمة ناصب |
|
وليل أقاسيه بطيء الكواكب |
وصدر أراح الليل عازب همه |
|
فضاعف فيه الهم من كل جانب |
تقاعس حتى قلت ليس بمنقض |
|
وليس الذي يهدي النجوم بآئب (١) |
قلت : بم وصفه بشار؟ فقال : بقوله :
خليليّ ما بال الدجى لا يزحزح |
|
وما بال ضوء الصبح لا يتوضح |
أظنّ الدجى طالت وما طالت الدجى |
|
ولكن أطال الليل سقم مبرح |
أضل النهار المستنير طريقه |
|
أم الدهر ليل كله ليس يبرح (٢) |
قلت له : يا مولاي هل لك في شعر قلته لم أسبق اليه؟ قال : نعم فقلت :
كلما اشتد خضوعي |
|
لجوى بين ضلوعي |
ركضت في حلبتي |
|
خديّ خيل من دموعي |
قال : فثنى رجله عن بغلته ، وقال : هاكها فاركبها ، فأنت أحق بها مني ، فلما مضى سألت عنه فقيل هو أبو تمام حبيب بن أوس الطائي.
قرأت بخط أبي الفتح أحمد بن علي المدائني الحلبي في مجموع وهبنيه والدي (١٢٣ ـ و) رحمه الله قال : وحدث أيضا جحظة قال : حدثني خالد الكاتب قال : أدخلت على ابراهيم بن المهدي ، وأنا غلام ، فقال لي : أنت خالد؟ قلت : نعم ، قال : أنشدني شيئا ، قلت : أعز الله الأمير أنا حدث أفرح وأقول في شجون نفسي لا أمدح ولا أهجو فان رأى الامير أن يعفيني فعل ، فقال : والله لتقولن فان الذي تقوله في شجون نفسك أشد لدواعي البلاء فأنشدته :
عاتبت نفسي في هواك |
|
فلم أجدها تقبل |
وأطعت داعيها اليك |
|
ولم أطع من يعذل |
لا والذي جعل الوجوه |
|
لحسن وجهك تمثل |
__________________
(١) ديوان النابغة الذبياني ـ ط. دار صادر بيروت : ٩ مع فوارق بالترتيب.
(٢) ديوان بشار بن برد ط. القاهرة ١٩٥٤ ج ٢ ص ١٠٤.