ابن معاوية ، وكان من رجالات قريش المعدودين وعلمائهم ، وكان عظيم القدر عند عبد الملك ، فبينا هو يطوف بالبيت اذ بصر برملة بنت الزبير بن العوام فعشقها عشقا شديدا ، ووقعت بقلبه وقوعا (١١٨ ـ ظ) متمكنا ، فلما أراد عبد الملك القفول هم خالد بالتخلف عنه ، فوقع بقلب عبد الملك تهمه ، فبعث اليه فسأله عن أمره ، فقال : يا أمير المؤمنين رملة بنت الزبير رأيتها تطوف بالبيت ، قد أذهلت عقلي ، والله ما أبديت اليك ما بي حتى على صبري ، ولقد عرضت على عيني النوم ، فلم تقبله والسلو على قلبي فامتنع منه ، فأطال عبد الملك التعجب من ذلك ، وقال : ما كنت أقول إنّ الهوى يستأسر مثلك ، فقال : واني لأشد تعجبا من تعجبك مني ، ولقد كنت أقول : ان الهوى لا يتمكن إلّا من صنفين من الناس ، من الشعراء والاعراب ، فأما الشعراء فانهم ألزموا قلوبهم التفكر في النساء والغزل ، فمال طبعهم الى النساء فضعفت قلوبهم عن دفع الهوى فأسلموا اليه منقادين ، وأما الأعراب فإن أحدهم يخلو بامرأته فلا يكون الغالب عليه غير حبه لها ، ولا يشغله شيء عنه فضعفوا عن دفع الهوى ، فتمكن منهم ، وجملة أمري فيما رأيت ، نظرة حالت بيني وبين الحزم ، وحسنت عندي ركوب الاثم ، مثل نظرتي هذه فتبسم عبد الملك ، وقال : أوكّل هذا قد بلغ بك؟ فقال : والله ما عرقتني هذه البلية قبل وقتي هذا ، فوجه عبد الملك الى آل الزبير يخطب رملة على خالد ، فذكروا لها ذلك ، فقالت : لا والله أو يطلق نساءه ، فطلق امرأتين كانتا عنده إحداهما من قريش والاخرى من الأزد ، وظعن بها الى الشام وفيها يقول : (١١٩ ـ و).
أليس يزيد الشوق في كل ليلة |
|
وفي كل يوم من حبيبنا قربا |
خليلي ما من ساعة نذكر أنها |
|
من الدهر إلّا فرجت عني الكربا |
أحب بني العوام طرا لحبها |
|
ومن أجلها أحببت أخوالها كلبا |
تجول خلاخيل النساء ولا أرى |
|
لرملة خلخالا لا يجول ولا قلبا (١) |
أخبرنا أبو المحاسن بن الفضل في كتابه قال : أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن علي بن كزتيلا قال : أخبرنا أبو بكر محمد
__________________
(١) انظر الكامل للمبرد د ـ ط. القاهرة ١٩٢٧ ج ١ ص ٣٠٢. والقلب ـ بضم القاف ـ سوار المرأة. القاموس.