فقلت لبعضهم : ما هذا؟ قالوا : الحسين بن علي رضي الله عنهما يريد العراق قال : فسيبت راحلتي ثم مشيت اليه حتى أخذت بالخطام ، أو قال بالزمام ، فقلت : أبو عبد الله؟ قال : أبو عبد الله فما وراءك؟ قال : قلت وصوابه أنت أحب الناس الى الناس والسيوف مع بني أمية ، والقضاء من السماء ، قال : فو الله لقد امتعض منها وما أعجبته ، قال : ثم مضى ومضيت فلما كان يوم النفر مررت بسرادق (٦٤ ـ و) فإذا بفنائه صبيان سود فطس ، قال : فأخذت بقفا صبي منهم فقلت : لمن أنت؟ قال : لعبد الله بن عمرو ، قال : فقلت : فأين هو؟ قال : في السرادق ، قال : فدخلت فسلمت فقلت : ما قولك في الحسين بن علي عليهما السلام؟ قال : لا يحيك فيه سلاحهم (١) ، قال : فخرجت ، قال : فبينا أنا على ماء بين الكوفة ومكة اذا إنسان يوضع على بعيره ، قال : فقلت : من أين؟ قال : من الكوفة ، قال : قلت : ما فعل الحسين بن علي؟ قال : قتل قال : فرفعت يدي فقلت : اللهم افعل بعبد الله بن عمرو ان كان يسخر بي.
قال سفيان بن عيينه في غير هذه الرواية : ذهب الفرزدق الى غير المعني ، أو قال : الوجه ، انما هو لا يحيك فيه السلاح لا يضره القتل مع ما قد سبق له (٢).
أنبأنا أبو علي الحسن بن هبة الله بن الحسن بن علي الدوامي قال : أخبرنا القاضي محمد بن عمر بن يوسف الأرموي قال : أخبرنا الشريف أبو الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون قال : أخبرنا الشريف أبو الفضل محمد بن الحسن بن الفضل بن المأمون قال : حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري قال : حدثنا محمد ابن يونس قال : حدثنا أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي قال : حدثني لبطة بن الفرزدق عن أبيه قال : حججت فلما كنت بذات عرق (٣) لقيني الحسين بن علي يريد الكوفة ، فقصدته فسلمت عليه فقال لي : ما خلفت لنا وراءك بالبصرة؟ فقلت : قلوب القوم معك وسيوفهم مع بني أمية ، فقال : ما أشك في أنك صادق ، الناس عبيد الدنيا ، والدين لغو على ألسنتهم يحوطونه ما درت به معائشهم فإذا استنبطوا قلّ الديّانون.
__________________
(١) في مصادرنا ما يشير الى أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان عنده علم بما سيكون من ملاحم وفتن.
(٢) ابن عساكر ـ ترجمة الحسين : ٢٠٥ ـ ٢٠٦.
(٣) مهل أهل العراق وهو الحد بين نجد وتهامة ـ معجم البلدان.