الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن صدقة ، نائب الوزارة كان ببغداد قال : سافرت مع أبي ، يعني ، جلال الدين أبا رضا لما سار رسولا عن الراشد الى حلب ، وكان معنا ابن المطلب الكاتب ، والحسن بن علي بن ابراهيم الجويني قال : فشربا ليلة ، وخرجا من بين الخيم فتعثرا في أطناب خيمة زنكي فاضطربت الخيمة ، فأحس زنكي بذلك ، وسأل عنه فقيل له (٢٧٥ ـ ظ) : هؤلاء سكارى من أهل بغداد ، فأمر بأن يصلبا إذا طلع الصبح ، فبلغ ذلك والدي فركب قبل الصبح ، ووقف على ظهر دابته هو وأصحابه ، فلما استيقظ زنكي رآهم فسأل عن الحال فقيل له هذا جلال الدين يشفع في أصحابه الذين أخذوا الليلة ، وأمر مولانا بصلبهم ، فقال : سلموا اليه أصحابه وأطلقوهم ، قال فأخذناهم ورجعنا الى الخيمة ، فلما عدنا لم يرجع الجويني معنا وأقام بقلعة حلب من ذلك اليوم.
وأظن أن الجويني ثاب في آخر عمره ، وأقلع عما كان عليه ، وله أشعار تدل على ذلك سنذكر بعضها إن شاء الله تعالى.
قرأت بخط العماد أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب ، وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن عمر بن علي بن حموية ، شيخ الشيوخ بدمشق بها ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد ، إجازة ان لم يكن سماعا ، قال : فخر الكتاب الحسن بن علي الجويني المقيم بمصر ، ذو الخط الرائق ، واللفظ الشائق والخلق العذب والصدر الرحب كتب إلي يستدعي اقلاما واسطية (١).
تقول يدي عند افتقاد يراعها |
|
الأصم السميع الأخرس المتكلم |
الى كم أمني بالجواد المسوّم |
|
الأنيق لعين الناظر المتوسم |
أقوم زيغ الخط منه بحاذق |
|
صبور جليد واسطي مقوم |
أغير الأجل العالم الصدر |
|
انتحي بذاك عزيز الدولة بن المقدم |
(٢٧٦ ـ و)
أغير عماد الدين أرجوه سندا |
|
يشيد من خطي الصنيع المنمنم |
__________________
(١) ليس له ترجمة في المطبوع من الخريدة عن الشام ومصر.