الملك ، فمن الرسالة ما قرأته بخط الحافظ السلفي قال : واعلم أنه أدام الله نعمته لقي أمما وشاهد عربا وعجما ، لكنه لم يلق فيهم مثل نفسه ، ولم يصادف إلا قاصرا عن محاسنه ، فقيرا الى اقتباس فضله ، وليت شعري هل أعجبته تلك الديار ، وهل عظمت في همته العظيمة تلك الآثار ، وهل تأمل وثاقه سور حلب ، وجودة موقع الحصن من البلدة ، فما كان يصلح إلا له ، وما كنت تصلح إلا لها.
قال : وأعظم من ذلك كله في نفسي وأشدها إتعابا لفكري وأكثرها مؤونة ونفقة بحدسي ملعب إقامته ، ولقد درت فيها مرارا ، وقلبت فكري في المراد منها صعودا وانحدارا ، تأملت ذلك البناء الهائل تأملا شافيا ، وأرسلت طرفي في عجائبه فعاد حائرا خاسئا ، ولم ينكشف لي الى هذه الغاية حقيقة المغزى منها وبها ، نعم هل انجذب الى مغناطيس فضله شعراء معرة النعمان ، فإني لم ألق فيها إلا شاعرا حتى قدرت عوامهم لو شاؤوا لخرج كلامهم في تعاملهم وتجاوزهم موزونا مقفى لوفور عدد الشعراء فيها ، ومواتاة الوزن والمعاني الجيدة طبع أهليها ، وأظنها تولد الشعراء طبعا وخلقة ، كما تولد بعض الترب أحرار النقول خلصه فيها وجبله ، وهل أدرك أبا العلاء المعري المحجوب ، حجب الله عنه السوء ، وهو أديبهم الراجح وعالمهم الفاضل ، وشاعرهم البارع ، وعهدي به راجعا من بغداد ولم يصبح بجانبي ليله نهار ، ولم يقع على شبابه لوقائع الدهر غبار ، وذكر تمام الرسالة.
وكان أبو الفتح هذا قد قرأ على أبي الحسين أحمد بن فارس ، وكان بينه وبين أبي القاسم بن المغربي مكاتبات.
الحسن بن عبد الله بن الفضل بن محمد بن نوفل (١) :
الحلبي أبو المحاسن بن أبي عبد الله ، من بيت الكتابة والرئاسة والتقدم ، وكان شيخا حسنا بهي المنظر ، وله شعر حسن ، اجتمعت به بحضرة والدي ، ولم أسمع منه شيئا من نظمه ، وأنشدنا عنه ابنه أبو غانم :
__________________
(١) أثبت ابن العديم بالاصل ترجمة الحسن بن عبد الله بن محمد بن عمرو بعد ترجمة الكاتب الكيا ، لكنه كتب في بدايتها : تؤخر ، وكتب قبلها أيضا «الحسن بن عبد الله بن الفضل بن نوفل» وكتب في نهاية ترجمة الحسن بن عبد الله بن الفضل «بعده الحسن بن عبد الله بن محمد بن عمرو» ، وبناء عليه أعيد الترتيب.