وسلم ، فقالت : أما تقرأ القرآن؟ قلت : بلى ، قالت : فان خلقه كان القرآن ، فهممت أن أقوم فبدالي فسألتها ، فقلت : أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت : أما تقرأ هذه السورة «المزمل»؟ قلت : نعم ، قالت : فان الله افترض قيام الليل في أول هذه السورة ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه حولا حتى انتفخت أقدامهم ، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهرا ، ثم أنزل الله تعالى التخفيف في آخر هذه السورة ، فصار قيام الليل تطوعا بعد اذ كانت فريضة ، فهممت أن أقوم فبدا لي فسألتها ، فقلت : أنبئيني عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت : كنا نعد له سواكه وطهوره (١) ، فيبعثه الله عز وجل لما شاء ان يبعثه من الليل ، فيتسوك وهو يتوضأ ، ثم يصلي تسع (١٤٨ ـ و) ركعات لا يقعد فيهن إلّا في الثامنة ، فيحمد الله ويذكره ويدعو ، ثم ينهض ولا يسلم ، ويصلي التاسعة فيجلس فيحمد الله ويذكره ويدعو ، ثم يسلم تسليما يسمعنا ثم يصلي ركعتين وهو جالس بعد ما يسلم فتلك احدى عشر ركعة ، أي بني ، فلما أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ اللحم أوتر بسبع ، ثم صلى ركعتين ، وهو جالس بعد ما يسلم فتلك تسع أي بني ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها ، وكان اذا غلبه عن قيام الليل شيء : نوم أو وجع صلى من النهار اثني عشر ركعة ، ولا أعلم نبي الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن في ليلة ، ولا قام ليلة حتى أصبح ، ولا صام شهرا كاملا غير شهر رمضان ، قال : فرجعت من عندها فأتيت علي ابن عباس فأنبأته بحديثها ، فقال صدقت ، أما اني لو كنت أدخل عليها لشافهتها به مشافهة ، فقال حكيم بن أفلح : أما اني لو كنت أعلم أنك لا تدخل عليها ما أنبأتك بحديثها. (٢).
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال : أخبرنا أبو منصور القزاز قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال : قال لي التنوخي : ولد أبو علي الحسن ابن أحمد بن عبد الغفار النحوي الفارسي بفسا (٣) ، وقدم بغداد فاستوطنها
__________________
(١) زادت رواية المصنف «من الليل».
(٢) انظر مصنف الامام عبد الرزاق ط. بيروت دار القلم : ٣ / ٣٩ ، ٤١ ، مع بعض الفوارق.
(٣) أنزه مدينة بفارس بينها وبين شيراز أربع مراحل. معجم البلدان