ابن سعيد بن عفيف بن معدي كرب عن أبيه عن جده قال : قدم قوم من اليمن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد أحيانا الله ببيتين من شعر امرئ القيس بن حجر ، قال : وكيف ذاك؟ قال : قالوا : أقبلنا نريدك فضللنا فبقينا ثلاثا بغير ماء فاستظللنا بالطلح والسّمر ، فأقبل راكب متلثم بعمامة وتمثل رجل منا ببيتين :
ولما رأت أن الشريعة همها |
|
وأن البياض من فرائصها دامي |
تيممت العين التي عند ضارج |
|
يفيء عليها الظل عرمضها طامي |
فقال الراكب : من يقول هذا الشعر؟ قال : امرؤ القيس بن حجر ، قال فلا والله ما كذب ، هذا ضارج عندكم ، فحبونا على الركب الى ماء كما ذكر عليه العرمض يفيء عليه الطلح فشربنا رينا ، وحملنا ما بلغنا الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك رجل مذكور في الدنيا شريف فيها منسي في الآخرة خامل (٢٩٧ ـ ظ) فيها ، يجيء يوم القيامة معه لواء الشعراء الى النار.
ويقال أن لبيدا قدم المدينة قبل إسلامه ، فقال نفر من قريش لرجل منهم : انهض الى لبيد فاسأله أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أشعر الناس؟ فنهض إليه فسأله ، قال : إن شئت أخبرتك من أعلمهم؟ قال : بل أشعرهم قال : يا حسان أعلمه فقال حسان : الذي يقول :
كأن قلوب الطير رطبا ويابسا |
|
لدى وكرها العناب والحنتف البالي |
قال : هذا امرؤ القيس ، فمن الثاني؟ قال : يا حسان أعلمه ، قال الذي يقول :
كأن تشوفه بالضحى |
|
تشوف أزرق ذي مخلب |
إذا سلّ عنه جلال له |
|
يقال سليب ولم يسلب |
قال لبيد : وهذا له أيضا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أدركته لنفعته ، ثم قال : معه لواء الشعراء يوم القيامة حتى يتدهدأ بهم في النار ، فقال لبيد : ليت هذه المقالة قيلت لي وإني أدهدأ في النار ، ثم أسلم بعد فحسن إسلامه (١).
__________________
(١) تاريخ ابن عساكر : ٣ / ٤٧ وـ ظ.