مدة حتى انكشفت عنه وعثاء السفر. ولما سمع مودود بذلك جمع الجنود ، ولزموا مكانهم ، فحمل عليهم السلطان ألب أرسلان حملة ساق التقدير منها الى جيوش غزنة قتلا ذريعا ، وانهزاما سريعا ، وأسر ألب أرسلان ألف رجل من القواد ، وغنم من الخيل والسلاح ما لا يدخل في الحساب ، فلما دخل على أبيه جغري بك سر بذلك وزال (٢٨٥ ـ و) مرضه ، ثم سار بعد ذلك جغري بك وألب أرسلان الى ترمذ ووالي القلعة بها الكاتب البيهقي (١) ، فخرج منها ، وتوجه الى غزنة ، وسلمها الى جغري بك ، ففوض جغري بك ولاية بلخ وطخيرستان وترمذ وخش وولوالج الى ألب أرسلان ، وشد أزره بوزارة أبي علي بن شاذان ، فعمر بلاده بحسن كفايته ، ولما قرب موته سأل ألب أرسلان أن يفوض الوزارة بعده الى نظام الملك.
ثم ورد خاقان الترك ترمذ وخربها ونهبها ، فطرده ألب أرسلان عنها ، فمضى الخاقان وخيم على جيحون من جانب بخارى ، وطلب المصالحة ، مصالحة جغري بك ، واجتمع به ، ثم افترقا ، وأثر المرض في جغري بك ، وزاد ضعفه ، وكان عمره سبعين سنة ، فقضى نحبه في صفر سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة في سرخس ، وقام مقامه في الملك السلطان ألب أرسلان ، وكان ملكشاه حينئذ ابن ست سنين ، وعاش طغرلبك السلطان بعد جغري بك ثلاث سنين.
قرأت في كتاب الربيع (٢) تأليف غرس النعمة أبي الحسن محمد بن هلال بن الحسن بن ابراهيم بن هلال الصابئ ، وأخبرنا به أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف ابن علي البغدادي وغيره اجازة عن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي قال : أنبأنا أبو عبد الله الحميدي قال : أخبرنا غرس النعمة أبو الحسن قال : حدثني بعض الخراسانية ، قال : خرج ألب أرسلان بن داود ، الملقب عضد الدولة ، وهو صبي الى الصيد فرأي شيخا ضعيفا على رأسه شوك قد قطعه وتعب به ، وهو ذا يقاسي (٢٨٥ ـ ظ) من حمله شدة وصعوبة ، فقال له : يا شيخ ، قال : لبيك ، قال : أتحب
__________________
(١) صاحب صحائف مسعودي الذي ترجم من الفارسية الى العربية باسم تاريخ البيهقي.
(٢) لم يصلنا وهو بحكم المفقود.