اللهم أعلي راية الاسلام وناصره ، وادحض الشرك بجب غاربه ، وقطع أواصره ، وامداد المجاهدين في سبيلك الذين في طاعتك بنفوسهم سمحوا ، وعلى متابعتك بمهجهم فازوا وربحوا ، بالعون الذي تطيل به باعهم ، وتملأ بالامن والظفر رباعهم ، واحب شاهنشاه الاعظم برهان أمير المؤمنين بالنصر الذي تنشر به أعلامه ، وتستبشر بمكانه من اختلاف الظلال أيامه ، وأوله من التأييد الضاحكة مباسمة ، القائمة أسواقه ومواسمه ما تقوي به في إعزاز دينك يده ، ويقضي بأن يشفع يومه في الكفار غده ، واجعل جنوده بملائكتك معضودة ، وعزائمه على اليمن والتوفيق معقودة ، فانه قد هجر في كريم مرضاتك الدعة ، وتاجرك من بذل المال والنفس ما انتهج فيه مسالك أوامرك الممثلة المتبعة ، فانك تقول ، وقولك الحق : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ (١).
اللهم فكما أجاب نداءك ولباه ، واجتنب التثاقل عن السعي في حياطة الشريعة وأباه ، ولاقى أعداءك بنفسه وواصل في الانتصار لدينك يومه بأمسه ، أنت أخصصه بالظفر ، وأعنه في مقاصده بحسن مجاري القضاء والقدر ، وحطه بحرز يدرأ عنه من الأعداء كل كيد ، ويشمله من جميل صنعك بأقوى أيد ، ويسر له كل (٢٨٣ ـ ظ) مطلب يرومه ويزاوله حتى تكون نهضته الميمونة عن النصر مسفرة ، ومقلة أحزاب الشرك مع اصرارهم على الضلال غير مبصرة ، فابتهلوا معاشر المسلمين الى الله تعالى في الدعاء له بنية صافية ، وعزيمة صادقة ، وقلوب خاشعة ، وعقائد في رياض الاخلاص راتعة ، وواصلوا الرغبة إلى الله في اعزاز جانبه ، وفل غرب مجانبه ، واعلاء رايته ، وإنالته من الظفر أقصى حده وغايته.
وأنفذ السلطان في مقدمته أحد الحجاب ، فصادف عند خلاط صليبا (٢) تحته متقدم الروسية في عشرة آلاف من الروم ، فحاربوهم ، وأعطى الله المسلمين النصر عليهم ، فأخذ الصليب ، وأسر المقدم ، وتقارب السلطان ، وعظيم الروم في مكان
__________________
(١) سورة الصف ـ الآيتان : ١٠ ـ ١١.
(٢) راية عليها شكل صليب ، واستخدمت هذه التسمية منذ ما قبل الاسلام.