فيكم وهنتم عليه لترككم الغزو لهم ، واستخفافكم بحق الله ، وتشغلكم عن الجهاد في سبيل الله ، وقد علمتم ما وعد ربكم في الجهاد لعدوه ، وقد أردت أن أغزيكم غزاة كريمة شريفة الى صاحب الروم أليون (١) ، والله مهلكهم ومبدد شملهم ، ولا قوة إلا بالله العظيم ، وقد جمعتكم يا معشر المسلمين وأنتم ذوو البأس والنجدة والشجاعة ، وإن من حق الله تعالى أن تقوموا لله سبحانه بحقه ولنبيه صلى الله عليه وسلم بنصرته ، وقد أمّرت عليكم مسلمة بن عبد الملك ، فاسمعوا له وأطيعوا أمره ، ترشدوا وتوفقوا ، فإن استشهد فالأمير من بعده محمد بن خالد بن الوليد المخزومي ، فإن استشهد فالأمير من بعده محمد بن عبد العزيز ، وقد وليت الغنائم رجاء بن حيوة وصيرته أمينا على مسلمة وعليكم ، وقد وليت على تميم محمد بن الأحنف ، وعلى همدان عبد الله بن قيس ، فقلت : يا أمير المؤمنين ولّ غيري فإني قد آليت أن لا أكون أميرا أبدا ، فولى همدان صدقة بن اليمان الهمداني ، وعلى ربيعة عبد الرحمن بن صعصعة ، وعلى طيء ولخم وجذام عبد الله بن عدي بن حاتم الطائي ، وولى على قيس الضحاك بن مزاحم الأسدي ، وولى على بني أمية وجماعة قريش محمد بن مروان بن الحكم وولى على كندة وغسان الأصبغ بن الأشعث (٢٤٩ ـ و) الكندي ، وولى على رؤساء أهل الحجاز عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وولى على رؤساء أهل الجزيرة والشام البطال ، وولى على رؤساء أهل مصر يزيد بن مرة القبطي ، وولى على رؤساء أهل الكوفة الهيثم بن الأسود النخعي ، وولى على أهل البصرة سليمان بن أبي موسى الأشعري ، وولى على رؤساء أهل اليمن جابر بن قيس المذحجي ، وولى على رؤساء أهل الجبال عبد الله بن جرير بن عبد الله البجلي.
ثم أقبل على مسلمة بن عبد الملك فقال : يا بني إني قد وليتك على هذا الجيش فسر بهم ، وأقدم على عدو الله أليون كلب الروم ، وكن للمسلمين أبا رحيما ، ارفق بهم وتعاهدهم وإياك أن تكون جبارا عنيدا مختالا فخورا ، ثم عرض الناس فانتخب منهم ثلاثين ألفا من أهل البأس والنجدة ، واتخذ من الخيل والفرسان ثلاثين ألفا ، وقال : يا بني صيّر على مقدمتك محمد بن الأحنف بن قيس ، وعلى
__________________
(١) الامبراطور البيزنطي ليونتيوس (٦٩٥ ـ ٦٩٨).