وسافر عن الموصل ، وحصل في آمد ، وجرى بينه وبين ضياء الدين ابن شيخ السلامية وزير صاحبها ، وكان مكنيا عنده خماشة ، فنال من ضياء الدين ، وتسمج في عرضه ، فأخذه ضياء الدين وأركبه حمارا وضربه في أسواق آمد مشهورا ، فكان كلما جاء الى مكان من الاسواق قال لمن حوله : اصبروا بارك الله فيكم ، ثم يقول : يا أهل آمد أتدرون لم فعل بي ابن شيخ (٢٢٢ ـ ظ) السلامية هذا ، إنما فعل ذلك لانني نهيته عن الانتماء الى نسبه الملعون ، فإنه من أولاد الشمر قاتل الحسين عليه السلام ، ولعن الله قاتله ، العنوا الشمر وأولاده ، قال : فيضج أهل البلد باللعنة على الشمر وعلى من أولد ، ففعل ذلك في كل محلة وسوق يمرون به فيه ، قال : فحصل لابن شيخ السلامية من التأذي والشهرة أكثر مما حصل له ، ثم حبسه فلم يزل في الحبس حتى سير الملك الظاهر غازي رحمه الله من حلب رسولا الى صاحب آمد وشفع فيه ، واستخرجه من السجن ، وأحضره الى حلب المحروسة.
أخبرني القاضي عز الدين أبو علي الحسن بن محمد القيلوي قال : لما حبس تاج العلى بآمد كلم الوزير نظام الدين محمد بن الحسين الملك الظاهر في أمره ، وأشار عليه أن يرسل رسولا الى صاحب آمد بشفاعة من عنده في تاج العلى ، فأجابه الملك الظاهر الى ذلك ، وسير الشريف أبا محمد العلوي الحلبي الى صاحب آمد رسولا ، فشفع فيه وأخرجه من السجن.
قال القيلوي : فحكى لي الشريف أبو محمد قال : لما سرت من حلب ووصلت الى آمد تنكرت ولبست غير زيي ، ودخلت آمد وسألت عن السجن الذي فيه تاج العلى ، وكان في برج من أبرجة آمد ، فدللت عليه ، فجئت إليه واجتمعت به ، ثم عدت الى مكاني الذي نزلت فيه خارج البلد ، ولبست ثيابي ، وأخذت غلماني ، ودخلت آمد ، فاستحضرني صاحبها ، فأديت إليه رسالة الملك الظاهر وما قاله من الشفاعة فيه ، فقال (٢٢٣ ـ و) لي صاحب آمد : ما لي به علم منذ سجنه ضياء الدين ابن شيخ السلامية ، فقلت له : الساعة كنت عنده ، وهو محبوس بالمكان الفلاني ، وما زلت به حتى أخرجه من السجن وسلمه إليّ ، فأخذته وجئت به الى حلب.
حضرت مجلس الملك الظاهر رحمه الله مرارا ، وأنشده تاج العلى لنفسه قصائد من شعره يمدحه فيها ، وسمعتها من لفظه في تلك المجالس ، وكان ينشد عنه في الأحيان