صاحب الموصل ما جرى ، فسير أخاه عز الدين مسعودا الى لقاء الملك الناصر ، فرحل عن حلب في مستهل شهر رجب ، وعاد الى حماه ووصل عز الدين الى حلب وأخذ من كان بها من العسكر ، وخرج الى لقاء الملك الناصر ، وتصاف العسكران عند قرون (١) حماه في تاسع عشر شهر رمضان ، فكسر عز الدين ، وسار الملك الناصر عقيب الكسرة ونزل على حلب ، فصولح على أن أخذ المعرة وكفر طاب ، وأخذ بارين (٢).
وكان سيف الدين غازي محاصرا لأخيه عماد الدين زنكي ، فصالحه وسار عبر الفرات ، وراسل الملك الصالح ، وسعد الدين كمشتكين ، وخرج كمشتكين إليه واستقر اجتماع الملك الصالح به ، فوصل حلب وخرج الملك الصالح الى لقائه فالتقاه قريب القلعة واعتنقه وضمه إليه وبكى ، ثم أمره بالعود الى القلعه ، فعاد ، وسار سيف الدين ونزل بعين المباركة (٣) ، وعسكر حلب يخرج (١٨٩ ـ ظ) الى خدمته في كل يوم ، وصعد سيف الدين الى قلعة حلب جريدة ، ثم رحل الى تل السلطان (٤) ومعه عسكر كثيف ، وطلب الملك الناصر عسكر مصر ، وسار نحوهم والتقى العسكران في بكرة الخميس العاشر من شوال سنة إحدى وسبعين وخمسمائة ، فانكسر سيف الدين غازي ، وعاد الى حلب فأخذ منها خزانته وسار الى بلاده ، وسار الملك الناصر فتسلم منبج ، ونزل على قلعة عزاز ففتحها ، وسار الى حلب فنزل عليها في السادس عشر من ذي القعدة فأقام عليها مدة ، وبذل الحلبيون جهدهم في القتال والمحاماة عن الملك الصالح.
__________________
(١) جبلان صغيران الى الشمال من حماه اسمهما «جبل زين العابدين وجبل كفراع».
(٢) تحمل بقاياها الان اسم بعرين ، وقامت على مقربة من رفنية ، وكانت ذات مكانة كبيرة في هذه الفترة. وهي تابعه الان اداريا لمنطقة مصياف ، وتبعد عن بلدة مصياف ١٧ كم وعن حماه ٤٢ كم.
(٣) خارج حلب. انظر الجزء الاول ص ٣٤٧.
(٤) موضع بينه وبين حلب مرحلة نحو دمشق ، وفيه خان ومنزل للقوافل وهو المعروف بالفنيدق. معجم البلدان.