قلت : أخذ هذا المعنى من قول النبي صلى الله عليه وسلم : «لو اتكلتم على الله حق التوكل لرزقكم كما يرزق الطير ، تغدو خماصا وتعود بطانا» (١).
نقلت من خط أبي بكر محمد بن هاشم الخالدي ، وحدثنا الصدائي عن المبرد عن علي بن عمروس الشاعر عن أشجع السلمي قال : أذن المهدي للشعراء ، فدخلت مع من دخل ، فاتفق أن جلست الى جانب بشار ، فإنا لسكوت اذ سمعنا حسا ، فقال لي بشار : من هذا يا أشجع؟ قلت : أبو العتاهية ، فقال أترى تحمله قحته وجهله على أن ينشد في مثل هذا المحفل شعرا؟! قلت : لا علم لي ، إذ استأذن في النشيد فأذن له ، فأنشد :
ألا ما لسيدتي مالها |
|
أدلت فأحمل إدلالها |
قال : فنخسني بشار ثم قال : أما ترى ما أجبس هذا الجاهل ، ينشد هذا الشعر الركيك في مثل هذا المحفل العظيم ، فلما بلغ الى قوله : (١٦٤ ـ ظ).
أتته الخلافة منقادة |
|
إليه تجرر أذيالها |
فلم تك تصلح إلّا له |
|
ولم يك يصلح إلا لها |
ولو رامها أحد غيره |
|
لزلزلت الأرض زلزالها |
ولو لم تطعه بنات النفو |
|
س لما قبل الله أعمالها (٢) |
فقال لي بشار : ويحك يا أشجع انظر هل طار أمير المؤمنين عن سريره سرورا؟! قال : فلا والله ما أخذ أحد من الشعراء في ذلك اليوم جائزة أسنى من جائزته (٣).
أنبأنا القاضي أبو القاسم بن الحرستاني قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الغساني قال : أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال : أخبرنا علي بن الحسين صاحب العباسي قال : أخبرنا علي بن الحسن الرازي قال : أخبرنا الحسين بن القاسم
__________________
(١) انظر كنز العمال : ٣ / ٥٦٩٤.
(٢) ديوانه : ٣٧٥.
(٣) تاريخ بغداد : ٦ / ٢٥٧.