النفاطين وخاضها محمد بن يزيد بن مزيد الشيباني ، ثم اتبعه الناس ، فبعث اليه نقفور بالهدايا ، وخضع له أكثر الخضوع ، وأدى اليه الجزية عن رأسه فضلا عن (١٦١ ـ ظ) أصحابه ، ففي ذلك يقول أبو العتاهية :
امام الهدى أصبحت بالدين معنيا |
|
وأصبحت تسقي كل مستمطر ريا |
لك اسمان شقا من رشاد ومن هدى |
|
وأنت الذي تدعى رشيدا ومهديا |
اذا ما سخطت الشيء كان مسخطا |
|
وان ترضى شيئا كان في الناس مرضيا |
بسطت لنا شرقا وغربا يد العلى |
|
فأوسعت شرقيا وأوسعت غربيا |
ووشيت وجه الدين بالجود والندى |
|
فأصبح وجه الأرض بالروض موشيا |
وأنت أمير المؤمنين فتى التقى |
|
نشرت من الاحسان ما كان مطويا |
قضى الله أن صفى لهارون ملكه |
|
وكان قضاء الله في الخلق مقضيا |
تحلبت الدنيا لهارون بالرضا |
|
وأصبح نقفور لهارون ذميا (١) |
فرجع الرشيد عند ما أعطاه نقفور الى الرقة ، فلما سقط الثلج ، وأمن نقفور أن يغزى ، وتمكن بالمهلة من التدبير نقض ما كان بينه وبين الرشيد ، ورجع الى حالته الأولى ، فلم يجتر يحيى بن خالد ، فضلا عن غيره ، على اخبار الرشيد بذلك فبذل هو وبنوه للشعراء الأموال على أن يقولوا أشعارا في إعلام الرشيد بغدر نقفور ، فكلهم كاع وأشفق إلّا شاعرا من أهل جدة يكنى أبا محمد عبد الله بن يوسف ، كان مجيدا جيد النفس ، قوي الشعر ، فاختصه ذو اليمينين في أيام المأمون ، ورفع قدره جدا ، فإنه أخذ مائة ألف ، وأدخل الى الرشيد فأنشده :
نقض الذي أعطيته نقفور |
|
فعليه دائرة البوار تدور (١٦٢ ـ) |
__________________
(١) ديوانه : ٤٨٩.