دونها ، وانما تملك الروم المرأة من أهل بيت المملكة إذا لم تجد منهم رجلا ، وكذلك فارس تفعل ، فلما بلغ ابنها عاث وأفسد ، وخاشن الرشيد ، فخافت على ملك الروم أن يذهب ، وعلى بلادهم أن تعطب ، لعلمها بالرشيد ، وخوفها من سطوته ، فاحتالت على ابنها فسملت عينه ، فبطل من الملك ، فعاد اليها ، فاستنكر (١٦١ ـ و) ذلك أهل المملكة ، وأبغضوها من أجله ، فخرج عليها نقفور ، وكان كاتبها ، فأعانوه وعضدوه ، فقام بأمر الملك ، وضبط أمر الروم ، فلما قوي على أمره ، وتمكن من ملكه ، كتب الى الرشيد : من نقفور ملك الروم الى هرون ملك العرب ، أما بعد : فان هذه المرأة كانت قد وضعتك وأباك وأخاك موضع الشاه ، ووضعت نفسها موضع الرخّ ، وأنا الشاه
وأنت الرخ ، وقد عزمت على تطرف بلادك والهجوم على أمصارك ، أو تؤدي إليّ ما كانت المرأة تؤديه اليك. وكلاما شبيها بهذا ، فلما ورد على الرشيد كتب اليه :
بسم الله الرحمن الرحيم.
من عبد الله هرون ، أمير المؤمنين ، الى نقفور كلب الروم ، أما بعد فقد فهمت كتابك ، وجوابك عندي : ما تراه فضلا أن تسمعه.
ثم شخص من شهره يؤم بلاد الروم في جمع لم يسمع بمثله ، وقواد لا يجارون رأيا ونجدة ، فلما بلغ ذلك نقفور ضاقت عليه الارض بما رحبت ، وشاور في أمره ، وجاء الرشيد حتى توغل بلاد الروم يقتل ويسبي ويغنم ، ويخرب الحصون ، ويعفي الآثار حتى صار الى طريق متضايقة دون قسطنطينية ، فلما بلغها ألفاها وقد أمر نقفور بالشجر فقطع ، ورمي به في تلك الطرق ، وأشعلت فيه النيران ، فكان ذلك ما تحصن به عند نفسه ، فقال الرشيد : ما ترون في هذه النيران؟ فكان أول من تلبس ثياب