عسل بن ذكوان قال : أخبرنا دماذ عن حماد بن شقيق قال : قال أبو سلمة الغنوي : قلت لأبي العتاهية : ما الذي صرفك عن قول الغزل الى قول الزهد؟ قال : إذا والله أخبرك ، إني لما قلت :
الله بيني وبين مولاتي |
|
أهدت لي الصدّ والملالات |
منحتها مهجتي وخالصتي |
|
فكان هجرانها مكافاتي |
(١٥٧ ـ ظ)
هيّمني حبّها وصيّرني |
|
أحدوثة في جميع جاراتي (١) |
رأيت في المنام في تلك الليلة كأن آتيا أتاني فقال : ما أصبت أحدا تدخله بينك وبين عتبة يحكم لك عليها بالمعصية إلا الله تعالى؟! فانتبهت مذعورا ، وتبت الى الله من ساعتي من قول الغزل.
وذكر أبو الحسن المسعودي في كتاب مروج الذهب : قال أبو العباس يحيى ثعلب : كان أبو العتاهية قد أكثر مسألة الرشيد في عتبة ، فوعده بتزويجها ، إن أجابت وتجهيزها ثم إن الرشيد سنح له شغل فحجب عنه أبو العتاهية فدفع الى مسرور الكبير ثلاث مراوح ، فدخل بها مبتسما فقرأ الرشيد على إحداهن :
ولقد تنسّمت الرياح لحاجتي |
|
فإذا لها من راحتيك نسيم |
قال : أحسن الخبيث ، وإذا على الأخرى :
أعلمت نفسي من رجائك ماله |
|
عنق يخبّ اليك بي ونسيم |
فقال : وقد أجاد ، وإذا على الأخرى :
ولربما استيأست ثم أقول لا |
|
إن الذي ضمن النجاح كريم |
فقال : قاتله الله ، ثم دعا به فقال : ضمنت لك يا أبا العتاهية وإني قاعد لقضاء حاجتك ، وبعث الى عتبة : انتظريني الليلة في منزلك فلي اليك حاجة ، فصارت هي اليه ، فحلف ألا يذكر حاجته الا عندها ، فلما كان الليل صار اليها في خواص خدمه
__________________
(١) ليست في ديوانه.