صعره وذكائه ، فكان كيسان في يد عباد ، وتبنّاه حتى شب ، وأدخله معه الكوفة في معسكر سعد بن أبي وقاص يوم القادسية ، وكان لعباد ابن من سرية له اسمه زيد ، فلما بلغ كيسان مبلغ الرجال أعتق عباد أم ولده ، وزوجه بها ، فولدت له ابنا فسماه عباد بن رفاعة سويدا ، فكان زيد بن عباد وسويد بن كيسان أخوين لأم ، وتوفي عباد وبعده كيسان ، وبلغ سويد مبلغ الرجال ، وقد أعقب زيد أخوه لأمّه عدة بنين ، وتوفي زيد أيضا ، فكان سويد بن كيسان هو القائم بأمور ولد أخيه زيد ، ورزق سويد الولد فكان من ذكور ولده : القاسم ، ومحمد ، واسماعيل ، وعبد الرحمن ، وحسان ، ثم ان البعث ضرب على ولد زيد بن عباد مع قتيبة بن مسلم الى خراسان ، فخرجوا جميعا ، وأقام سويد بن كيسان عمهم وولده في ديارهم بالكوفة ، وأعقب القاسم بن سويد ابنين وبنتا ، فأحد الابنين (١٤٧ ـ ظ) اسماعيل أبو العتاهية ، وهو أصغر ولده ، والآخر زيد وهو بكره ، وانما سماه القاسم زيدا باسم عمه زيد بن عباد بن رفاعة ، وكانت أم زيد واسماعيل بنت رجل من عظماء أهل بخارى يقال له زياد ، ومن ولده يحيى بن جرير ، كان بالكوفة له نسل ، ويحيى هو ابن خال أبي العتاهية لحّا (١) ، وكان زياد جد أبي العتاهية من قبل أمه مولى محمد ابن هاشم بن عمرو بن عتبة الزهري ، زهرة قريش ، أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعمرو بن مالك بن عتبة هو الذي كان على الناس يوم جلولاء الوقيعة (٢) ، المرقال (٣) من بني عمه.
قال : ولما لم يصح لأبي العتاهية من نسبه أكثر من هذه الجملة اقتصر على الظاهر دون الخفي وانتمى الى ولاء عباد بن رفاعة العنزي من قبل أعمامه ، والى ولاء محمد بن هاشم القرشي من قبل أخواله ، وكان لا يرى التفاضل بالأنساب والمناكح واجبا ، ومما قال في ذلك :
__________________
(١) أي لاصق النسب. القاموس.
(٢) من أعظم معارك فتح العراق كانت سنة ١٦ ه. انظر تاريخ الطبري :٤ / ٢٤ ـ ٣٥.
(٣) المر قال هو هاشم بن عتبة بن أبي وقاص عرف بذلك لان عليا رضي الله عنه أعطاه الراية بصفين ، فكان يرقل بها ، أي يسرع ، وقد قتل في صفين. انظر القاموس.