السمان بالريّ ، في شعبان سنة سبع وأربعين ، قدم علينا دمشق ، وسمع بها من
شيوخنا عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر ، وغيره ، حدث عن أبي طاهر محمد بن عبد
الرحمن المخلص البغدادي وغيره ، وكان من الحفاظ الكبار ، وكان فيه زهد وورع (١٢٢ ـ
و) وكان يذهب إلى الاعتزال .
شاهدت بخط جار
الله محمود بن عمر بن محمد الزمخشري : في أصل معجم أبي سعد السمان ، والنسخة
جميعها بخط الزمخشري ما مثاله ، وأنبأتنا به زينب بنت عبد الرحمن الشعري قالت : أخبرنا
محمود بن عمر الزمخشري ـ إجازة ـ قلت : وقرأته بخطه : ذكر الاستاذ أبو علي الحسين
بن محمد بن مردك في تاريخه : مات بالريّ شيخهم ، وعالمهم ، وفقيههم ، ومتكلمهم ،
ومحدثهم الشيخ الزاهد أبو سعد اسماعيل بن علي بن الحسين السمان رحمة الله عليه ،
وقت العتمة من ليلة الأربعاء الرابع والعشرين من شعبان سنة خمس وأربعين وأربعمائة
، وكان إماما بلا مدافعة في القراءات ، والحديث ، ومعرفة الرجال والأنساب ،
والفرائض والحساب ، والشروط ، والمقدرات ، وكان إماما أيضا في فقه أبي حنيفة
وأصحابه ، وفي معرفة الخلاف بين أبي حنيفة والشافعي ، وفي فقه الزيديه ، وفي
الكلام ، وكان يذهب مذهب الحسن البصري رحمه الله ، ومذهب الشيخ أبي هاشم ، وكان قد
حج بيت الله وزار القبر ، ودخل العراق ، وطاف الشامات والحجاز وبلاد المغرب ،
وشاهد الرجال والشيوخ ، وقرأ على ثلاثة آلاف رجل من شيوخ زمانه ، وقصد أصبهان لطلب
الحديث في آخر عمره ، وكان يقال في مدحه وتقريظه أنه ما شاهد مثل نفسه ، وكان مع
هذه الخصال الحميدة زاهدا ، ورعا ، مجتهدا ، قواما ، صواما ، قانعا ، راضيا ، لم
يتحرم في مدة (١٢٢ ـ ظ) عمره ، وقد أتى عليه أربع وسبعون سنة ، بطعام أحد ، ولم
يدخل إصبعه في قصعة انسان ، ولم يكن لأحد عليه منّة ولا يد في حضره ولا سفره ، مات
رحمه الله ولم يكن له مظلمة ولا تبعة من مال ولا لسان ، كانت أوقاته موقوفة على
قراءة القرآن والتدريس والرواية ، والارشاد والهداية ، والوراقة ، والعبادة ، خلف
ما جمعه في طول عمره من الكتب وقفا على المسلمين ،
__________________