إليه الى أن يأتيه غاسله فيحمله الى مغتسله جعل الله ذلك الحمل مباركا عليه ، ونظر بعين الرحمة اليه ، وغفر ما قدمه من الأعمال السيئة بين يديه.
وأوصى أن لا يناح عليه ، وأن يمنع أولياؤه وأقرباؤه وأحباؤه وجميع الناس من الرجال والنساء أنفسهم عن السلق (١٠٩ ـ ظ) والحلق ، والتخريق للثياب والتمزيق ، وأن لا يبكوا عليه إلا بكاء حزن قلب ودموع عين لا يقدرون على ردها ودفعها ، فأما دعاء بويل ورن شيطان ، وخمش وجوه ولطمها ، وحلق شعر وتنفه ، وتخريق ثوب وتمزيقه وفتقه فلا ، وهو بريء ممن فعل شيئا ـ ذلك كما توفي النبي صلى الله عليه وسلم ـ منهم.
وأوصى أن يعجل تجهيزه وغسله وتكفينه وحمله الى حفرته ، ولا يحبس ولا يبطأ به ، وإن مات ضحوة النهار ، أو وقت الزوال ، أو بكرة ، فإنه لا يؤخر تجهيزه الى الغد ، ولا يترك ميتا بين أهله بالليل أصلا ، بل يعجل أمره فينقل الى حفرته نقلا بعد أن يغسل وترا ، ويجعل في آخر غسلة من غسلاته كافور ، ويلف في ثلاثة أثواب بيض سحولية (١) إن وجدت ، فإن لم توجد سحولية كفن في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة ، ويجمر كفنه وترا لا شفعا قبل أن يلف عليه ، ويسرع بالسير بجنازته ، كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويحمل للصلاة عليه الى ميدان الحسين ويصلي عليه ولده أبو نصر ان كان حاضرا ، فان عجز عن القيام بالصلاة عليه فأمر الصلاة عليه الى أخيه أبي يعلى ، ثم يرد الى المدرسة فيدفن فيها بين يدي والده الشهيد رضي الله عنه ، ويلحد له لحدا ، وينصب عليه اللّبن نصبا ، ولا يشق له شقا ، ولا يتخذ له تابوت أصلا ، ولا يوضع في التابوت للحمل الى المصلى ، وليوضع على الجنازة ، ملفوفا في الكفن مسجى بثوب أبيض ليس فيه ابريسم بحال ، ولا يطين قبره ولا يجصص ، ويرش عليه الماء ، وتوضع عليه الحصا ، ويمكث عند قبره مقدار ما ينحر جزور ويقسم لحمه حتى يعلم ما يراجع (١١٠ ـ و) به رسل ربه جل جلاله ، ويسأل الله تعالى على رأس قبره التثبيت الموعود لجملة المؤمنين في قوله تعالى «يثبت الله الذين آمنوا
__________________
(١) ثوب لا يبرم غزله أي لا يفتل طاقين ، يقال سحلوه أي لم يفتلوا سداه.
معجم البلدان.