الواسطي يطمع أن يدبر أمر خمارويه ، وأنه يرد تدبير الأمر إليه ، وقال : هذا صبي حدث أدبره كما أرى ، فلما أخرجه الى هذا الوجه واستكتب (٥٣ ـ ظ) محبوب ابن رجاء بعده فسدت نيته ، وقال : محبوب أحد كتابي يتصرف بين أمري ويهيئ ، آل الأمر الى أن صرت بعض خلفائه ، فتغير على سعد ، وافترقا ، وتغير الواسطي وكتب الى ابن الموفق كتابا يحثه على المسير الى مصر وقال : أنا أسست أمر أبي الجيش ، والله لأهدمن ما كنت بنيته وضمن الكتاب هذه الأبيات :
يا أيها الملك المرهوب جانبه |
|
شمر ذيول السرى فالنصر قد قربا |
كم ذا القعود ولم يقعد عدوكم |
|
عن القتال لقد أصبحتم عجبا |
ليس المريد لما أصبحت تطلبه |
|
ولا المشمر عن ساق وإن لغبا |
لا تقعدن عن التفريط منعكفا |
|
واجدد فقد قال قوم : إنه رهبا |
فأنت في غفلة يقظان ذو سنة |
|
وطالب الوتر ذو جد إذا طلبا |
أجاد مروان في بيت أصاب به |
|
عين الصواب فما أخطا ولا كذبا |
إذ قال لما رأى الدنيا تميد بهم |
|
بعد الهدو وعاد الحبل مضطربا : |
إني أرى فتنة تغلي مراجلها |
|
والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا |
فلما قرأ ابن الموفق كتاب الواسطي قال لابن كنداج وابن أبي الساج ما قعودكم ، وضرب طبله وسار وساروا معه حتى كبسهم في شيزر ، وقتل منهم مقتلة عظيمة ، وكان ابن الواسطي بالرملة يقطع الطريق فيما بين ابن أبا وسعد الأعسر وهما بدمشق ، فسار أحمد بن الموفق الى دمشق (٥٤ ـ و) وكبسها على غرّة ، فانهزما الى الكسوة وقتل من بقي من أصحابهما ، ثم إنهم اجتمعوا وقصدوا ابن الواسطي فهزموه ، وأخذ على طريق الساحل حتى لحق بأحمد بن الموفق ، ودخل المصريون الى الرملة فنهبوا دار الواسطي وخزائنه ، ثم ذكر وصول أحمد بن الموفق وأنه لما أبصر عسكر أبي الجيش هاله وأكبره ، وصغر جيشه في عينه ، فشجعه الواسطي وضمن له النصرة