قال أبو بكر الخطيب : حدثني الحسن بن علي المقنعي عن محمد بن موسى الكاتب قال : أخبرني يوسف بن يحيى بن علي المنجم عن أبيه عن جده عن اسحاق قال : بقيت دهرا من دهري أغلس في كل يوم الى هشيم أو غيره (٢٣٨ ـ ظ) من المحدثين فأسمع منه ثم أصير الى الكسائي أو الفراء أو ابن غزاله فأقرأ عليه جزءا من القرآن ، ثم آتي منصور بن زلزل فيضاربني طريقتين أو ثلاثة ، ثم آتي عاتكة بنت شهدة فأخذ منها صوتا أو صوتين ، ثم آتي الأصمعي وأبا عبيدة فأنشدهما وأحادثهما وأستفيد منهما ، ثم أصير الى أبي فأعلمه ما صنعت ومن لقيت وما أخذت وأتغذى معه ، فاذا كان العشي رحت الى أمير المؤمنين الرشيد (١).
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي القاسم اسماعيل بن أحمد ابن عمر السمرقندي قال : أخبرنا أبو غالب أحمد بن محمد بن سهل بن بشران النحوي قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الرحيم بن دينار اللغوي قال : أخبرنا أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني قال : اسحاق بن ابراهيم بن ميمون بن ماهان بن بهمن الموصلي كان يقول : أصلنا من فارس ، ولنا بيت شريف في العجم (٢).
قال أبو الفرج : موضع اسحاق من العلم ومكانه من الادب ، ومحله في الرواية ، وتقدمه في الشعر ومنزلته في سائر المحاسن أشهر من أن يدل عليه ، فيها يوصف ، فأما الغناء فانه كان أصغر علومه ، وأدنى ما يوسم به ، لم يكن له في الغناء نظير ، لحق بمن مضى فيه ، وسبق من بقي ، أوضح للناس طريقه ، وسهل عليهم سبيله فهو امام أهل صناعته جميعا ، وقدوتهم ورأسهم ، ومعلمهم ، شهد له به الموافق والمفارق ، وكان المأمون يقول : لولا ما (٢٣٩ ـ و) سبق لإسحق على ألسنة الناس من الغناء لوليته القضاء ، فإنه أولى به ، وأعف وأصدق وأكثر دينا وأمانة من هؤلاء القضاة.
وقال الواثق : ما غناني اسحاق قط إلّا ظننت أن قد زيد في ملكي ، وأن اسحاق
__________________
(١) تاريخ بغداد : ٦ / ٣٣٨ ـ ٣٣٩.
(٢) أورد نسبه لدى ذكره لأبيه ـ انظر الاغاني ـ ط. دار الكتب : ٥ / ١٥٤.