الكتب التي في العلوم الإلهية فمقالاته الثلاث عشرة التي في كتاب ما بعد الطبيعة ، واما الكتب التي في أعمال الفلسفة فبعضها في اصلاح أخلاق النفس وبعضها في السياسة ، فأما التي في إصلاح الأخلاق فكتابه الكبير الذي كتب به إلى ابنه ، وكتابه الصغير الذي كتب به إلى ابنه أيضا ، وكتابه المسمى أوذيما ، وأما التي في السياسة فبعضها في سياسة المدن ، وبعضها في سياسة المنزل ، وأما الكتاب الذي في الآلة المستعملة في علوم الفلسفة فهي كتبه الثمانية المنطقية التي لم يسبقه أحد ممّن علمنا إلى تأليفها ولا تقدمه إلى جمعها ، وقد ذكر ذلك في آخر الكتاب السادس منها وهو كتاب سوفسطيقا فقال : وأما صناعة المنطق وبناء السلوجسمات فلم نجد لها فيما خلا أصلا متقدما يبنى عليه لكنا وقعنا على ذلك بعد الجهد الشديد والنصب الطويل ، فهذه الصناعة وإن كنا ابتدعناها واخترعناها فقد حطنا جهاتها ، ورممنا أصولها ، ولم نفقد شيئا مما ينبغي أن يكون (١٩٥ ـ و) موجودا فيها ، كما فقدت أوائل الصناعات لكنها كاملة مستحكمة متينة أسبابها ، مزمومة قواعدها ، وثيق بنيانها ، معروفة غاياتها ، واضحة أعلامها ، قد قدمت أمامها أركانا ممهدة ودعائم موطدة ، فمن عسى أن ترد عليه هذه الصناعة بعدنا فليغتفر خللا إن وجد فيها ، وليعتد بما بلغته الكلفة منها اعتداده بالمنّة العظيمة واليد الجليلة ، ومن بلغ جهده فقد بلغ عذره.
وكان أرسطو طاليس متعلم الاسكندر الملك بن فلغيوس بن الاسكندر المقدوني بآدابه عمل في سياسة رعيته وسيرة ملكه ، وانقمع له الشرك في بلاد اليونانيين وظهر الخير وفاض العدل ، ولأرسطوطاليس إليه رسائل كثيرة جليلة منها رسالة يحضه فيها على المسير لحرب دارا بن دارا ملك الفرس ، ومنها رسالة جاوبه عن كتابه إليه من أرض الهند يصف ما رآه في بيت الذهب بأعالي أرض الهند ، وهو البيت الذي كان فيه البددة وهي الأصنام الممثلة بالجواهر العلوية ، فجاوبه أرسطوطاليس بهذه الرسالة يعظه فيها ويزهده في الدنيا ويرغبه في النعيم الدائم.
قال صاعد : وكان أبو بكر محمد بن زكرياء الرازي شديد الانحراف عن أرسطوطاليس وعائبا له في مفارقته معلمه أفلاطون وغيره من متقدمي الفلاسفة