بكر بن أيوب ملك الديار المصرية بذلك فكتب له إلى الاسكندرية بتخليص ماله ، فخلص له منه جملة ، ثم إنه لما رحل الملك الكامل إلى آمد وافتتحها ، توجه إلى دمشق ، ومنها إلى حلب ، ومنها إلى آمد ، فوجد الملك الكامل راجعا إلى الديار المصرية ، فعاد معه إليها ، وسكن بها.
وذكر لي أن مولده بقفصة في سنة ثمانين وخمسمائة ، وأن ولايته القضاء (١٦٠ ـ و) كانت بعد رجوعه من المشرق إليها ، وحكى لي غيره أن سبب عزله عن القضاء أنه وجد في داره خمر ، فعزل بسبب ذلك.
وسمعت صاحبنا نور الدين أبا الحسن علي بن موسى بن محمد بن سعيد يحكى أن أبا العباس التيفاشي لما حصل مع عرب برقة وخاف منهم ، كتم نفسه ، وسألوه من هو ، ومن أين هو ، وما صنعته؟ فقال لهم : أنا قواد ، فقالوا : الله الأحد ، وأنفوا منه ، وكان ذلك سبب خلاصه منهم.
أنشدني شرف الدين أبو العباس أحمد بن يوسف التيفاشي بالقاهرة في أبي الحسن علي بن موسى بن سعيد الغرناطي ، يشير إلى كتاب أبي الحسن الذي جمعه في محاسن المغرب وسماه «المغرب» :
سعد الغرب وازدهى الشرق عجبا |
|
وابتهاجا بمغرب ابن سعيد |
طلعت شمسه من الغرب تحلا |
|
فأقامت قيامة التفنيد |
لم يدع للمؤرخين مقالا |
|
لا ولا للرواة بيت نشيد |
إن تلاه على الحمام تغنّت |
|
ما على ذا في حسنه من مزيد |
وأنشدني أبو العباس التيفاشي لنفسه فيه :
يا طيب الأصل والفرع الزكي كما |
|
يبدو وجنا ثمر من أطيب الشجر |
ومن خلائقه مثل النسيم إذا |
|
يهفو على الزهر حول النهر في السحر |
ومن محياه والله الشهيد إذا |
|
يبدو إلى بصري أبهى من القمر |
(١٦٠ ـ ظ)
أثقلت ظهري ببر لا أقوم به |
|
لو كنت أتلوه قرآنا مع السور |