قلت : وكان الملك الظاهر رحمه الله (٢٤٣ و) وأمراؤه يحترمونه ويكرمونه ، وتوفي رحمه الله بحلب بمسجد السيدة (١) في ثامن شوال من سنة سبع عشرة وستمائة ، وكان قد ناهز مائة سنة ، وصلي عليه بالمسجد الجامع ، ودفن بمقام إبراهيم ، ومروا بجنازته على باب داري وصعدت الى غرفة في الدار مشرفة على الطريق ، فوجدت زوجتي فيها نائمة ، فنبهتها وقلت : اجلسي وانظري جنازة الشيخ أحمد المدروز ، فانتبهت وقالت لي : الساعة رأيت في منامي جنازة تمر بين السماء والأرض ، والميت مغطى بازار أبيض والهواء يهببه ، وقد جاءوا بالجنازة الى مشهد الملك رضوان خارج حلب فأدخلوا الجنازة الى البستان الى جانبه ، وهو البستان المعروف بالجنينة.
قلت : وتبع جنازته جمع عظيم ، رحمة الله عليه.
أحمد بن عبد الواحد بن مراء :
أبو العباس الحوراني القاضي ، الملقب بالتقي الشافعي فقيه فاضل ، أديب زاهد ، شاعر ، قدم حلب وأقام بها مدة وتفقه بها على شيخنا الشريف قاضي القضاة أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم ، وسمع منه الحديث ومن شيخنا الشريف أبي هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي وغيرهما ، وبرز في علم الفقه والأدب ، ثم توجه من حلب الى سنجار وولي بها القضاء ، ثم انتقل عنها الى بغداد وذكر بها مسألة فولي الإعادة بالمدرسة المستنصرية من جهة الشافعية وسمع بها الحديث من ابن الخازن وغيره ، ثم تزهد وانقطع عن الدنيا وجاور بمكة وبالمدينة.
وحدث بمكة وبسنجار عن أبي هاشم (٢٤٣ ظ) عبد المطلب الهاشمي بشمائل النبي صلى الله عليه وسلم لأبي عيسى الترمذي ، وبمسند الإمام الشافعي رضي الله عنه عن ابن الخازن النيسابوري وعن غيرهما ، وكان لي به اجتماع بحلب ، وكان
__________________
(١) كان لقب علوية أم محمود بن نصر «السيدة».