فحدث محمد بن داود بن الجرّاح (١) أن زكرويه بعد قتل صاحب الشامة أنفذ رجلا كان معلما للصبيان يقال له عبد الله بن سعيد ، فتسمى نصرا ليخفي أمره ، فدار في أحياء كلب يدعوهم إلى رأيه ، فاستجاب له جماعة من صعاليكهم وسقاطهم وسقاط العلّيصيين (٢) ، فسار فيهم إلى بصرى وأذرعات من كورتي حوران والبثنيّة فقتل وسبى ، وأخذ الأموال.
قال : وأنفذ زكرويه رجلا يقال له القاسم بن أحمد داعية ، فصار إلى نحو رستاق نهر ملخانا (٣).
قال : فالتقت به طائفة ، فساروا إلى الكوفة حتى صبحوها غداه يوم النحر وهم غارون فوافوا باب الكوفة عند انصراف الناس من المصلى ، فأوقعوا بمن قدروا عليه ، وسلبوا وقتلوا نحوا من عشرين رجلا ، وكان رئيسهم هذا قد حملوه في قبة يقولون : هذا ابن رسول الله وهو (١٩٥ ـ و) القاسم بن أحمد داعية زكرويه ، وينادون يا ثارات الحسين ـ يعنون الحسين صاحب الشامة ـ ، وشعارهم يا محمد يا أحمد ـ يعنون ابني زكرويه ، ويموهون بهذا القول على أهل الكوفة ـ ونذر بهم الناس فرموهم بالحجارة من المنازل.
وإنما ذكرت هذا الفصل من قول ابن أبي الأزهر لأن فيه ما يدل على أن صاحب الخال كان يسمى الحسين بن زكرويه ، وعاش زكرويه بعد ولديه القرمطيين في زعمه.
أنبأنا تاج الأمناء أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله الدمشقي قال : أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال : أخبرنا أبو غالب بن
__________________
(١) هو عم علي بن عيسى الوزير المشهور ، قتل سنة ٢٩٦ ه / ٩٠٩ م ، له كتاب الورقة مطبوع ، وكتاب آخر هو «من اسمه عمرو بن الشعراء» نشره الاستاذ حمد الجاسر في مجلته العرب.
(٢) من أمراء كلب.
(٣) في الطبري : ٢٢٢٦٠ «نهر تلحانا».