وقرأت بخط الشريف إدريس بن الحسن بن علي بن عيسى بن علي الإدريسي الحسني قال : أخبرني الشريف النقيب : نظام الدين أبو العباس بن أبي الجن الحسيني قال : حدثني ابن أخت أمين الدولة الشريف القاضي الأفطسي قال : كان الشريف أبو ابراهيم محمد يحضر مجلس معز الدولة ثمال بن صالح بن مرداس الكلابي صاحب حلب ، ويحضره المحبرة العباسي من ولد إسماعيل بن صالح وكل واحد منهما فقيه نبيل في المذهب الذي عرف به ، وكان المحبرة يدق على أبي العلاء بن سليمان ويكفره ويحض معز الدولة على قتله ، فكان معز الدولة يستطلع رأي (١٦٩ و) الشريف أبي إبراهيم فيه ، فيقول فيه بخلاف ما يقول المحبرة ويقرظه عند معز الدولة ويرغبه في إبقائه وينشده من أشعاره التي لا يلم فيها بأمر منكر ، فجمع المحبرة جماعة من الفقهاء وغيرهم من أهل السنّة وصعد الى معز الدولة وألجأه الى أن يبعث إليه فيحضره الى حلب ، ويعقد له مجلس يخاطب فيه على ما شاع له من الشعر والتصانيف التي صنفها ، فندب لإحضاره رسولا من خاصته ، فيقال : إن أبا العلاء بن سليمان صعد في الليلة التي ورد فيها الرسول لإحضاره ، وبسط منديلا عليه رماد فوضع عليه خده ودعا الله عز وجل بدعاء الفرج طول ليلته ، فلم ينزل إلا ورسول ثان من معز الدولة يقول للأول : لا تزعج الرجل واتركه ، فعاد ، واتفق في تلك الليلة أن سقط المحبرة من سطوح داره فمات.
وغبر على ذلك مدة طويلة وأبو إبراهيم محمد ينتظر الثواب من أبي العلاء على ما كان منه إليه ، وكان أبو العلاء لا يمدح أحدا ترفعا وضنّا بنفسه وشعره ، إلا ما كان من مدحه لنفسه أو أحد من أهل بيته كالقاضي التنوخي ، والفصيصي ، وما اضطر إليه ، فابتدأه الشريف أبو ابراهيم بالقصيدة النونية التي أولها :
غير مستحسن وصال الغواني |
|
بعد ستين حجة وثمان (١٦٩ ظ) |