وقرأت في تاريخ غرس النعمة ابن الصابئ : أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي المعري الشاعر ، الأديب الضرير ، وكان له شعر كثير ، وفيه أدب غزير ، ويرمى بالالحاد ، وأشعاره دالة على ما يزن به من ذاك ، ولم يك يأكل لحوم الحيوان ولا البيض ، ولا اللبن ، ويقتصر على ما تنبته الأرض ، ويحرم ايلام الحيوان ويظهر الصوم زمانه جميعه ، ونحن نذكر طرفا مما بلغنا من شعره ليعلم صحة ما يحكى عنه من الحاده ، وله كتاب سماه «الفصول والغايات» عارض به السور والآيات ، لم يقع الينا منه شيء فنورده.
وذكر أشعارا : نسبها اليه ، فمنها ما هو من شعره في «لزوم ما لا يلزم» وفي «استغفر واستغفري» قد أجاب عنها في كتابه المعروف «بزجر النابح» والكتاب «بنجر الزجر» ، واذا تأملها المنصف حق التأمل لم يجد فيها ما يوجب القدح في دينه ، ومنها ما وضع على لسانه وتعمل (١٦٥ ظ) تلامذته المنحرفون وغيرهم من الحسدة نظمها على لسانه وضمنوها أقاويل الزنادقة ، وفيها من ركاكة اللفظ والعدول عن الفصاحة التي هي ظاهرة في شعره ما يوجب نفيها عنه وبعدها منه ، فمما أورده وهو موضوع عليه :
إذا كان لا يحظى برزقك عاقل |
|
وترزق مجنونا وترزق أحمقا |
فلا ذنب يا رب السماء على إمرئ |
|
رأى منك ما لا يشتهى فتزندقا (١) |
وهذا شعر في غاية السقوط والنزول والهبوط ، يقضي على ناظمة بالجهل والعمه والكفر والسفه ومما أورد من الأشعار الموضوعة على لسانه البعيدة عن فصاحته وبيانه.
صرف الزمان مفرق الإلفين |
|
فاحكم إلهي بين ذاك وبيني |
أنهيت عن قتل النفوس تعمدا |
|
وبعثت أنت بقبضها ملكين |
وزعمت أن لها معادا ثانيا |
|
ما كان أغناها عن الحالين (٢) |
__________________
(١) عيون التواريخ : ٧٤. مع فوارق.
(٢) المصدر نفسه : ٧٣. مع بعض الفوارق.