وقرأت في تاريخ أبي غالب همام بن الفضل بن جعفر بن علي بن المهذب المعري قال : فحدثني من شاهد عسكره أنه كان يكون في اليوم في ثلاثين ألفا ، ثم يصير في يوم آخر في عشرة آلاف وأكثر وأقل لأنهم كانوا عواما وعربا ، ونزل على شيزر ، وطال أمره فاشتكاه بسيل (١) ملك الروم الى الحاكم ، فأنفذ إليه مفلحا اللحياني في عسكر عظيم فطرده سنة خمس وتسعين.
وقبض عليه أبو محمد لؤلؤ السيفي بخديعة خدعه بها ، وذلك أنه أنفذ إليه أن يدخل إليه الى حلب ، وأوهمه أنه يصير من قبله ، فلما حصل عنده قبض عليه وجعله في القلعة مكرّما ، لأنه كان يهوّل به على الروم.
قال أبو غالب همام بن المهذب : ورأيته أنا وقد خرج مبارك الدولة سنة ست ، وله شعرة ، والمصحف في حجره على السرج وهو يقرأ فيه.
ونقلت من خط يحيى بن علي بن عبد اللطيف بن زريق المؤرخ : وفي سنة خمس وتسعين ظهر رجل غازي متزيّ بزي الفقراء ، ومعه خلق كثير من العرب يسمى أحمد بن الحسين أصفر تغلب ، ويعرف بالأصفر ، وتبعه وصحبه رجل من العرب يعرف بالحملي ، وأسرى في جماعة من العرب وغيرهم ممن اجتمع إليه ، ولقي عسكر الروم فأخذه وكسره (٦٠ ـ و) إلى أرتاح ، وسار يريد أنطاكية نحو جسر الحديد ، فلقيه بطريق من بطارقة السقلاروس (٢) في عسكر كان معه ، فقتل الحملي وانهزم الأصفر إلى بلد سروج (٣) ، فانتهى إلى الماخسطرس (٤) أن الاصفر ساكن في الجزيرة في ضيعة تعرف بكفر عزور (٥) من عمل سروج ، وهي ضيعة كبيرة ولها
__________________
(١) باسيل الثاني. انظر بالانكليزية امارة حلب : ٤٠ ـ ٤١.
(٢) لقب حاكم أنطاكية البيزنطي.
(٣) بلد في ديار مضر قرب حران. معجم البلدان.
(٤) اللقب الذي حمله حاكم المقاطعة العسكرية ـ البند أو الثيم ـ في بيزنطة.
(٥) تصحف الاسم في معجم البلدان الى «كفر عزون».