الهيكل أروقة يجلس عليها القضاة للحكومة ، ومعلموا النحو واللغة ، وعلى أبواب هذه الكنيسة بنجام للساعات يعمل ليلا ونهارا دائما ، اثنتي عشر ساعة ، وهو من عجائب الدنيا ، وفي أعلاه خمس طبقات في الخامسة منها حمامات وبساتين ، ومعاصر حسنة نخرقها المياه ، وعلة ذلك أن الماء ينزل إليهم من الجبل المطل عليهم ، وهناك من الكنائس مالا تحد كثرة ، كلها معمولة بالفص المذهب ، والزجاج الملون والبلاط المجزّع.
قال : وظاهر البلد نهر يعرف بالمقلوب ، أخذ من الجنوب إلى الشمال ، وهو مثل نهر عيسى ، وعليه رحىّ ، يسقي البساتين والأراضي (١) (٢٣ ـ و).
وقال أبو العباس أحمد بن ابراهيم الفارسي الإصطخري في كتاب صفة الأقاليم : أنطاكية ، وهي بعد دمشق أنزه بلد بالشام ، عليها سور صخر يحيط بها ، وبجبل مشرف عليها ، فيه مزارع ومياه وأشجار ، ومراعي وأرحبة ، وما يشتغل به أهلها من مرافقها ، يقال إن دور السور للراكب يومين ، وتجري مياههم في دورهم ، وسككهم ، وبها مسجد جامع ، وبها ضياع وقرى ونواحي خصبة جدا (٢).
وقرأت في كتاب ابن حوقل النصيبي قال : والعواصم اسم الناحية ، وليس بمدينة تسمى بذلك ، وقصبتها أنطاكية ، وهي بعد دمشق أنزه بلد بالشام ، وعليها إلى هذه الغاية سور من صخر يحيط بها ، وجبل مشرف عليها ، فيه لهم مزارع ومراعي وأشجار وأرحية ، وما يستغل بها أهلها من مرافقها.
ويقال إن دور السور للراكب يوم واحد ، وتجري مياههم في أسواقهم
__________________
(١) لم يصلنا ـ فيما أعلمه ـ نسخة كاملة منفردة لرحلة ابن بطلان ، انما يمكن جمع نص هذه الرحلة ، مما نقله ابن العديم في هذا المجلد من بغية الطلب ، ومن مواد حلب وانطاكية واللاذقية في معجم البلدان لياقوت. ومن ترجمة ابن بطلان في تاريخ الحكماء للقفطي. ط. لايبزغ ١٩٠٣ ، ص ٢٩٤ ـ ٢٩٨.
(٢) المسالك والممالك ٤٦.