وقرأت في بعض تواريخ القدماء قال أونيناوس (١) : في السنة الثالثة عشر من تاريخ الاسكندر بنى سولوقس أنطاكية (٢).
قرأت بخط غرس النعمة محمد بن هلال بن المحسن في كتاب الربيع ، وأنبأنا به جماعة عن ابن البطي عن محمد بن فتوح الحميدي قال : أخبرنا غرس النعمة أنه نقل من خط ابن بطلان الطبيب رسالة ، كتبها الى والده هلال بن المحسن ، بعد خروجه من بغداد يخبره فيها بأحوال البلاد التي مر بها في سفره ، وذلك في سنة أربعين وأربعمائة قال فيها : وخرجنا من حلب طالبين أنطاكية ، وبين حلب وبينها يوم وليلة ، فوجدنا المسافة التي بين حلب وأنطاكية أرضا عامرة لا خراب فيها أصلا ، لكنها أرض زرع للحنطة والشعير تحت شجر الزيتون ، قراها متصلة ورياضها مزهرة ، ومياهها متفجرة ، يقطعها السفر في بال رخي وأمن ، وسكون.
وأنطاكية بلد عظيم ذو سور وفصيل ، ولسوره ثلاثمائة وستون برجا (٢٢ ـ ظ) يطوف عليها بالنوبة أربعة آلاف حارس ، ينفذون من القسطنطينية من حضرة الملك يضمنون حراسة البلد سنة ، ويستبدل بهم في السنة الثانية.
وسكك البلد كنصف دائرة قطرها يتصل بجبل ، والسور يصعد مع الجبل الى قلته ، فيتم دائرة ، وفي رأس الجبل داخل السور قلعة تبين لبعدها عن البلد صغيرة وهذا الجبل يستر عنها الشمس فلا تطلع عليها إلا في الساعة الثانية ، وللسور المحيط بها دون الجبل خمسة أبواب ، وفي وسطها بيعه القسيّان ، وكانت دار قسيّان الملك الذي أحيا ولده فطرس رئيس الحواريّين عليه السلام ، وهو هيكل طوله مائة خطوة ، وعرضه ثمانون ، وعليه كنيسة على أساطين ، وكان بدور
__________________
(١) لعلة المؤرخ الاغريقي للقرن السادس IoannesMalalas انظر :
DowneyH, istory. ofAntioch, PP. ٧٣ ـ ٨٣.
(٢) بحث أمر اقامة انطاكية من قبل داوني في كتابه المذكور في الحاشية السابقة انظر ص ٥٤ ـ ٨٢.