صلدي ، ثم سيقت تحت الأرض إلى أن انتهت الى القناطر ، وهي قرية من عملها ، فعقدت لها قناطر رفيعة ، ورفع ماء القناة فوقها الى أن انتهى الى مكان مرتفع ، فسيقت تحت الأرض إلى مدينة قنسّرين ، فكان شرب أهل قنسرين منها ، وأدركت أنا معظم أسوارها ، وبعض أسوار قلعتها ، وأبواب مدينتها قائمة.
وكان سليمان بن قطلمش بعد قتله مسلم بن قريش قد استولى على قنسرين وعمر قلعتها وتحصن فيها ، وحصر حلب ، فاتفق ما اتفق من قتله على ما نذكره في ترجمته (١) ، فخربت قلعة قنسرين مع المدينة ؛ وأخذ الناس حجارتها لعمائرهم ، وسكورة الأرحاء.
وبنى محمود بن زنكي أولا خان قنسرين منها ، وزاده أتابك طغرل الظاهري ثانيا.
ونقل من عمد المدينة إلى حلب شيء وافر ، ونقل أيضا من حجارتها إلى الجسر الذي جدده (١٧ ـ و) سيف الدين علي بن سليمان بن خدر في الوطاة ، ورصفه بالحجارة ، وفي الخان الذي جدده بتل السلطان ، فتداعت أقطارها ، وأمحت أثارها ، ولم يبق منها اليوم غير قرية قنسرين يسكنها الفلاحون والأكره ، ويرى من شاهد آثارها فيها معتبره.
وقال أبو العباس أحمد بن إبراهيم الإصطخري في كتاب صفة الأقاليم : وقنسرين مدينة تنسب إليها الكور ، وهي من أصغر المدن بها (٢).
وقرأت في بعض كتبي من تواريخ القدماء ، ولم يسم القائل أن سلوقوس ، وهو الملك الأول بعد الاسكندر بني فامية ، وحلب ، وقنسّرين ، وقد ذكرت ذلك ، والله أعلم.
__________________
(١) انظر : S.ZAKKAR.The Emirate of Aleppo ,pp.١٥ ـ ٢١٣.
(٢) المسالك والممالك ، ٤٦ ، وفيه : الكورة.