طرف المدينة ، وسور المدينة يختلط بسورها ، والظاهر أنه شاهد القلعة من داخل المدينة فظنها في وسطها ، ولم يشاهدها من خارج.
وقوله : وشرب أهل حلب من نهر قويق ، ليس كذلك ، إلّا من كان بالفرب منه ، أو أنه أراد ما يحمله السقاءون في الروايا ، بل الغالب في شرب أهلها من قناة حيلان.
وقد أنبأنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف عن أبي الفتح بن البطّي قال : أخبرنا الحميدي قال : أخبرنا محمد بن هلال بن المحسّن الصابئ (١١ ـ و) وقال : كتب المختار بن الحسن بن بطلان المتطبب كتابا إلى والدي هلال بن المحسن في سنة أربعين وأربعمائة يذكر له فيها خروجه من بغداد وما دخل من البلاد ، قال فيها : رحلنا من الرصافة (١) إلى حلب في أربع مراحل ، وحلب بلد مسوّر بحجر أبيض ، فيه ستة أبواب ، وفي جانب السور قلعة في أعلاها مسجد وكنيستان ، وفي إحداهما كان المذبح الذي قرب عليه ابراهيم عليه السلام. وفي البلد جامع ، وست بيع ، وبيمارستان صغير ، والفقهاء يفتون على مذهب الإمامية ، ويشرب أهل البلد من صهاريج فيه مملوءة بماء المطر ، وعلى بابه نهر يعرف بالقويق ، يمدّ في الشتاء وينضب في الصيف. وفي وسط البلد دار علوة صاحبة البحتري. وهو بلد قليل الفاكهة والبقول والنبيذ إلا ما يأتيه من بلاد الروم ، وفيها من الشعراء جماعة ، وذكر أبا الفتح بن أبى حصينة ، وذكر كاتبا نصرانيا هو صاعد بن عيسى بن سمان ، وذكر أبا محمد بن سنان ، وأبا المشكور (٢).
__________________
(١) هي إحدى قرى محافظة الرقة في سورية ، يصلها بالرقة طريق ترابي طوله ٦٠ كم. انظر التقسيمات الادارية ، ٤١٤.
(٢) نشر ديوان ابن ابي حصينة في دمشق ١٩٥٦ ـ ١٩٥٧ ؛ وذكر ابن العديم صاعد بن عيسى في زبدة الحلب ط. دمشق ١٩٥١ ، ١ / ٢٨٣ ـ ٢٨٤ ، كما أورد شيئا من شعره ، ولابن سنان ديوان نشر في بيروت سنة ١٣٠٩ ه ، وأبو المشكور هو من شعراء الخريدة ، قسم شعراء الشام ، ط. دمشق ١٩٥١ ، ١ / ٤٨.