تنزل عندي فتصيب ما حضر وتشرب على أثر طعامك؟ فقال : نعم ، فأنزله وأخذ فرسه فربطه ، وأضجع عجلة فذبحها واستخرج كبدها وأخرج دقيقا من كوزله ، فدفعه الى جارة له تصير له منه فطيرا ، ومر الى الفدان فحلّه وقد شوي الكبد وخرج الخبز من التنور فقدمه الى أمير المؤمنين ، وجلس يأكل معه.
قال أبي : ثم قام فجاءني من ذلك الفطير ومن تلك الشرائح اللحم ، فقال : كل ، وعمد الى ريحان كان على سطح بيته فوضعه بين يديه ؛ فقال أتنشد من الشعر شيئا؟ فأنشده من أشعار بني أمية ، وأنشده في زوال النعم ، فقال له : حدثني حدثيك ، فو الله ما وجهك بوجه زراع ولا بوجه من (٢٢٣ ـ و) ربي في بؤس ، فأخبره أنه من ولد سليمان بن عبد الملك وأن هذه الصبيه التي معه أخته ، وأن بعض المسالمة خطبها ، فأبى عليه ، وأنه هرب فنزل هاهنا ، فاستأجره وكيل القرية بعشرة دراهم على أن يفرد له بيتا يكون فيه وفدّانه وأخته ، فبكى هرون وقال : عمل صالح قبل الغزو ، فإنما النصر والتمكين بخوف الله ، وجاءت الخيول وحفّت بالموضع ، وقيل أمير المؤمنين أمير المؤمنين ، فقال : لا بأس عليك لن ترع ، فكتب الى الذي خلفه بالإحسان الى بني أمية وإدرار العطاء عليهم ، ودفع الى من اشترى له القرية التي هو بها.
قال : قال أبي : فرأيت أمير المؤمنين يبكي ويقول في سجوده إلهي ارحمني بقرابتي من محمد ، ولا تجعل محمدا خصمي وموبخي ، ولا تؤاخذ الأمة بذنوبي ، ثم صلى الظهر فركب فنزلنا حلب بعد المغرب وهرون منكسر متخليا بنفسه.
قوله : وإن بعض المسالمة خطبها ، يريد بعض بني مسلمة بن عبد الملك ، وكانت منازلهم بالناعورة قريبا من سبعين.
وقرأت في ديوان العرب تأليف محمد بن أحمد الأسدي النسابة قال : وأما