أمره ، فيمده ويكتب الى صاحب أرمينية بمثل ذلك ، فأما صاحب أرمينية فقد شغله صاحب الحسني فلا يجيبه بلا ولا نعم ، ويحارب الحسني الروم فيفتح منها مدنا وحصونا كثيرة ، ويقيم بطرسوس ، ويبث أصحابه وجيوشه في جميع الثغور فكلهم ينصرهم الله ، فيفتح الوجه الذي هو فيه ويغنم ، وذكر بعد ذلك فتح الحسني قسطنطينية وهرب ملكها وقد قسم السبي وغنم ما يعجز عن قسمته حتى يكيل الذهب والفضة بالترس ، وذكر خوارج يخرجون على أصحاب الحسني في البلاد.
ثم قال : ويخرج أصحاب الحسني في كل الوجوه فينصرهم الله في الوجوه كلها ، ويفتحون البلدان ، ويصفو الامر للحسني ، وقد كان ملك الروم لما بلغه أن الخوارج قد خرجوا على الحسني حلف وهو بالرومية خلف قسطنطينية أن يخرج الى أرض الاسلام ، فيغلب على ما قدر عليها من مدنها ، ويدخلها كما دخل الحسني قسطنطينية ، ويرجع الى قسطنطينية ، ثم تجتمع بطارقته عنده ويسير الى طرسوس ، ثم يخرج منها حتى يأتي الفرات ، ويمهله الحسني (٢٠٩ ـ و) حتى يأتي حران ، ثم يأخذ عليه الحسني من ورائه ومن قدامه ، فيقتل أصحابه ويأخذ صلبانهم ، وينزع ملك الروم ثيابه ويلبس ثياب أهل طرسوس ويتزيا بزي أهل الثغر ، ويتقلد سيفا ويركب بغلا ، ويلطخ فمه بدم ، فكلما تلقاه رجل من المسلمين أومأ اليه بيده كأنه يسلم عليه ، ويدعو له ، فيظن أنه رجل من أهل الثغر قد أصابه ذلك في جهاده الروم ، فلا يزال كذلك حتى يأتي طرسوس ، ثم يضرب الى الروم وينادي (١) ويسأل هل رأيتم الطاغية؟ فيقولون : هرب ، ولو كان في القتلى وجدناه ، فيولي الولاة ، ويوجههم في وجوه بلدان الاسلام كلها وقد استقام أمر الاسلام كله ، ثم يخرج في أصحابه فيجاهد الروم ، ويرسل اليه ملك الروم ويخبره بحيلته التي نجا
__________________
(١) أي الحسني.