وعمق كذا وكذا أربعة مواطن ، فيسير الجمعان على نهر ماؤه بارد في الصيف حار في الشتاء ، فيغور (١) ماؤه ، ويكثر يومئذ ، فينزل المهاجرون أدناه والروم أقصاه ، ويربطون خيولهم بالشجر التي عند رحالهم ، ويستعدوا للقتال حتى يصيروا في أرض قنسرين ، فيكون منزلهم ما بين حمص وأنطاكية ، والعرب فيما بين بصرى ودمشق وما وراءهما فلا يبقى الروم خشبا ولا حطبا ولا شجرا إلا أوقدوه ، فيلتقي الجمعان عند نهير فيما بين حلب وقنسرين ، ثم يصيرون إلى عمق من الأرض فيه عظم قتالهم ، فمن حضر ذلك فليكن في الزحف الأول ، فإن لم يستطع ففي الثاني أو الثالث أو الرابع أو الآخر فإن لم يطق فليلزم فسطاط الجماعه لا يفارقها فإن يد الله عليهم ، ومن هرب يومئذ لم يرح ريح الجنة ، فيقول الروم للمسلمين : خلوا لنا أرضنا وردوا إلينا (٢٠١ ـ ظ) كل أحمر وهجين منكم ، وأبناء السراري ، فيقول المسلمون : من شاء لحق بكم ومن شاء دفع عن دينه ونفسه ، فيغضب بنو الهجن والسراري والحمراء ، فيعقدون لرجل من الحمراء راية وهو السلطان الذي وعد إبراهيم إسحاق أن يعطيا في آخر الزمان ، فيبايعونه ، ثم يقاتلون وحدهم الروم فينصرون على الروم ، ثم تنحاز فجرة العرب إلى الروم ومنافقوهم حين يرون نصرة الموالي على الروم ، وتهرب قبائل بأسرها جلها من قضاعة وناس من الحمراء ، حتى يركزوا راياتهم فيهم ، ثم ينادي الرفاق بالتميّز ، فإذا لحق بهم من لحق نادوا غلب الصليب ، فخير العرب يومئذ اليمانيون المهاجرون وحمير وألهان وقيس ، أولئك خير الناس يومئذ ، فقيس يومئذ تقتل ولا تقتل ، وحدس مثلها والأزد يقتلون ولا يقتلون ، ويومئذ يفترق جيش المسلمين أربع فرق ، فرقة يستشهدون ، وفرقة تصبر ، وفرقة تفر ، وفرقة تلتجيء بعدوها.
قال : وتشد الروم على العرب شدّة فيقتل خليفتهم القرشي اليماني الصالح
__________________
(١) كذا في الاصل. وفي نسختي لندن واستانبول من الفتن ـ يفور ـ وهو أقوم.