باب في ذكر ما بحلب وأعمالها من المزارات وقبور الأنبياء
والاولياء والمواطن الشريفة التي بها مظان اجابة الدعاء
فأما قلعة حلب ففيها مقاما ابراهيم صلى الله عليه وسلم الاعلى والاسفل ، وقيل ان ابراهيم عليه السلام كان قد وضع أثقاله بتل القلعة ، وكان يقيم به ويبث رعاءه الى نهر الفرات والجبل الأسود ، ويحبس بعض الرعاء بما معهم عنده ، ويأمر بحلب ما معه ، واتخاذ الاطعمة وتفرقتها على الضعفاء والمساكين ، وقد ذكرنا ذلك مستقصى في باب تسمية حلب (١٨٣ ـ ظ).
فأما المقام التحتاني فكان موضعه كنيسة للنصارى الى أيام بني مرداس ، وقد قال ابن بطلان في بعض رسائله «ان فيها كان المذبح الذي قرب عليه ابراهيم عليه السلام» ، فغيرت بعد ذلك وجعلت مسجدا للمسلمين ، وجدد عمارته نور الدين محمود بن زنكي ووقف عليه وقفا حسنا ، ورتب فيه مدرسا يدرس الفقه على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه.
وأما المقام الاعلى ففيه تقام الخطبة بالقلعة ويصلي فيه السلطان الجمعة ، وفيه رأس يحيى بن زكريا عليه السلام موضوع في جرن من الرخام في خزانة ، ووقع الحريق ليلة من الليالي في المقام المذكور فاحترق جميعه في سنة أربع وستمائة ، ولم يحترق الجرن المذكور ودفع الله النار عنه.
وقرأت في تاريخ محمد بن علي العظيمى ، وأنبأنا به شيخنا أبو اليمن