في الذاهبين الأولين |
|
من القرون لنا بصائر |
لما رأيت مواردا |
|
للموت ليس لها مصادر |
ورأيت قومي نحوها |
|
يمضي الأصاغر والأكابر |
لا من مضى منهم يرا |
|
جعهم ولا الباقي بغابر |
أيقنت أني لا محا |
|
لة حيث صار القوم صائر |
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «رحم الله قس بن ساعدة إني لأرجو أن يأتي يوم القيامة أمة وحده» ، فقال رجل من القوم : يا رسول الله ، لقد رأيت من قس عجبا ، قال : «وما الذي رأيت؟» قال : بينا أنا يوما بجبل في ناحيتنا يقال له سمعان في يوم قائظ شديد الحر ، إذا أنا بقس بن ساعدة في ظل شجرة عندها عين من ماء ، وإذا حوله سباع كثيرة قد وردت ، وهي تشرب من الماء ، فإذا زأر سبع منها على صاحبه ، ضربه بيده ، وقال : كفّ حتى يشرب من الذي ورد قبلك ، فلما رأيته وما حوله من السباع هالني ذلك ، ودخلني رعب شديد ، فقال لي : لا تخف ، لا بأس عليك إن شاء الله ، وإذا (١٦٥ ـ ظ) أنا بقبرين ، بينهما مسجد ، فلما أنست به قلت له ما هذان القبران؟ قال : هذان قبرا أخوين كانا لي يعبدان الله في هذا الموضع ، واتخذت فيما بينهما مسجدا أعبد الله فيه حتى ألحق بهما ، ثم ذكر أيامهما وفعالهما ، فبكى ثم قال :
خليلي هبّا طالما قد رقدتما |
|
أجدكما لا تقضيان كراكما |
ألم تعلما أني بسمعان مفرد |
|
وما لي فيها من حبيب سواكما |
أقيم على قبريكما لست نازحا |
|
طوال الليالي أو يجيب صداكما |
أبكيكما طول الحياة وما الذي |
|
يردّ على ذي لوعة إن بكاكما |
كأنكما والموت أقرب غاية |
|
بروحي في قبريكما قد أتاكما |
فلو جعلت نفس لنفس وقاية |
|
لجدت بنفسي أن تكون وقاكما |