فقال علي : ما يقول ابن النابغة؟ (١١٦ ـ ظ).
لأصبحنّ العاصي بن العاصي |
|
سبعين ألفا عاقدي النواصي |
مستحقبين حلق الدّلاص |
|
مجتنبين الخيل بالقلاص (١) |
أشبال غيل حين لا مناص |
فبادر أبو الاعور السلمي الى ماء الفرات ، فصف خيله عليه ومنعه أصحاب علي ، فشاور معاوية أصحابه ، فقال له عمرو بن العاص : خل لهم عن الماء فان ابن أبي طالب لا يعطش وبيده أعنة الخيل ، فبعث علي الى معاوية إنا وإياك جئنا لأمر فخل لنا عن الماء وإلّا تجالدنا عليه ، فبعث معاوية الى أبي الأعور خل لهم عن الماء ، فبعث إليه والله لا شربوا منه شربة وفي شيء من الروح ، وقال له ابن أبي سرح : اقتلهم عطشا قتلهم الله كما قتلوا أمير المؤمنين عثمان عطشا ، فقال معاوية : إن عمرا أعلم منكما ، وأبى أبو الأعور أن يخلي لهم عن الماء ، فحمل الأشعت بن قيس في اثني عشر ألفا ، فكشفهم عن الماء ، فقال علي : هذا يوم نصرتنا فيه الحمية ، فقال رجل ممن كان في عسكر علي :
ألا تتقون الله إذ تمنعوننا الفرات |
|
وتروى بالفرات الثعالب |
وقد وعدونا الأحمرين فلم نجد |
|
لهم أحمرا إلا قراع الكتائب (٢) |
وخرج علي يستعرض عسكر معاوية على بغل له قصير ، وفرسه تحت غلام له وراءه ، فهموا به ، فقال علي لغلامه : انزل عن الأدهم لا أبالك ، ثم بعث الى هاشم بن عتبة ، وهو المرقال ، وكان صاحب لواء علي يوم (١١٧ ـ و) صفين ، أن احمل بلوائك ، فحمل به ، وسطع الغبار حتى حال بينهم وبين السماء ، وثبت العسكران فقال هاشم بن عتبة : والله ان لهؤلاء القوم لشأنا والله ما حملت بلوائي هذا على
__________________
(١) انظر صفين لنصر بن مزاحم ، ١٥٣.
(٢) انظر صفين لنصر بن مزاحم ، ١٨٧.