باب في ذكر عزاز (١) (٩٢ ـ ظ)
وهي الآن مدينة عامرة ، ومحاسنها في هذا العصر سائره ، قد كثر بناؤها ، واتسعت أرجاؤها ، وعمرت قلعتها ، وكثرت منفعتها ، وكانت قلعتها مبنية باللّبن والمدر ، فعمرها الملك الظاهر (٢) رحمه الله بالحجر ، فصارت من أحصن القلاع ، ومدينتها من أحسن البقاع ، وكانت تعرف في صدر الإسلام بتل عزاز ، ولا ذكر لها إلّا بالعبور بها والاجتياز ، ولإسحق بن إبراهيم الموصلي قصة فيها مع بنت قس يقال لها حنّه ذكرها أبو الفرج الأصبهاني ، وقال فيها إسحاق الموصلي أبياتا وهي :
إن قلبي بالتّل تلّ عزاز |
|
عند ظبي من الظباء الجوازي |
شادنّ يسكن الشآم وفيه |
|
مع شكل العراق ظرف الحجاز |
يا لقومي لبنت قسّ أصابت |
|
منك صفو الهوى وليست تجازي |
حلفت بالمسيح أن تنجز الوعد |
|
وليست تهمّ بالإنجاز (٣) |
وكان الفرنج خذلهم الله قد استولوا على عزاز في شهر رمضان من سنة اثنتي عشرة وخمسمائه ، ولقي أهل حلب منهم شدة عظيمة ، إلى أن فتحها نور الدين محمود ابن زنكي بن آق سنقر رحمه الله في سنة خمس وأربعين وخمسمائة ، وتسلمها من يد جوسلين.
__________________
(١) يصل عزاز بحلب طريق مزفت طوله ٢٦ كم. التقسيمات الادارية ، ٣١٦.
(٢) جاء في الحاشية بخط مخالف لخط الاصل : الملك الظاهر هو غازي بن يوسف بن أيوب.
(٣) انظر الاغاني. ط. دار الكتب ١٣٥١ / ١٩٣٢ : ٥ / ٣٧٣.