قال : ولما كان زمن فتنة مروان بن محمد خرجت الروم فهدمت مدينة الحدث ، وأجلت عنها أهلها ، كما فعلت بملطيّة ، ثم لما كانت سنة احدى وستين ومائة خرج ميخائيل الى عمق مرعش ، ووجه المهدي الحسن بن قحطبة ساح في بلاد الروم ، فثقلت وطأته على أهلها حتى صوروه في كنائسهم ، وكان دخوله من درب الحدث ، فنظر الى موضع مدينتها فأخبر أن ميخائيل أخرج منه ، فارتاد الحسن موضع مدينة هناك (٨٤ ـ و) فلما انصرف كلم المهدي في بنائها ، وبناء طرسوس فأمر بتقديم بناء مدينة الحدث ، فأنشأها علي بن سليمان بن علي ، وهو على الجزيرة وقنسرين وسميت المحمدية ، وتوفي المهدي مع فراغهم من بنائها ، فهي المهدية والمحمدية ، وكان بناؤها باللبن ، وكانت وفاته سنة تسع وستين ومائة ، واستخلف موسى الهادي ابنه ، فعزل علي بن سليمان ، وولى الجزيرة وقنسرين محمد بن ابراهيم بن محمد بن علي ، وقد كان علي بن سليمان فرغ من بناء مدينة الحدث ، وفرض محمد لها فرضا من أهل الشام والجزيرة وخراسان في أربعين دينارا من العطاء ، وأقطعهم المساكن ، وأعطى كل امرئ منهم ثلاثمائة درهم ، وكان الفراغ منها في سنة تسع وستين ومائة.
قال : وقال أبو الخطاب : فرض علي بن سليمان بمدينة الحدث لأربعة آلاف فأسكنهم اياها ، ونقل اليها من ملطية ، وشمشاط ، وسميساط ، وكيسوم ، ودلوك ورعبان ألفي رجل.
قال الواقدي : ولما بنيت مدينة الحدث هجم الشتاء والثلوج ، وكثرت الامطار ولم يكن بناؤها بمتوثق منه ولا محتاط فيه ، فتثلمت المدينة ، وتشعثت ، ونزل بها الروم فتفرق عنها من كان فيها من جندها وغيرهم ، وبلغ الخبر موسى ، فقطع بعثا مع المسيب بن زهير ، وبعثا مع روح بن حاتم ، وبعثا مع حمزة بن مالك ، فمات