ذكر حصن الجوزات
وبينه وبين طرسوس ثمانية فراسخ ، وهو بين البذندون وطرسوس ، وبينه وبين البذندون اثنا عشر ميلا ، وهو حصن مذكور موصوف بالقوة.
وقفت على فصل في ذكره بخط أبي عمرو الطرسوسي في سير الثغور ، فنقلته على حاله وصورته : رسم هذا الحصن أمير وخليفة ينوب عنه ، وخطيب وقيم للدار ، وصاحب الحمام ، وكاتب ، ومطرديان ، وبوقي ، وبواب.
وفي جبل هذا الحصن شجر جوز مثمر مسافته ثلاثة أميال في عرض ميل ، فاذا حان إدراكه ، خرج والي الجوزات وجميع رجالته ، إلا من يضبط الحصن من الثقات ، فينفضون الجوز أياما ، وضم كل واحد ما نفضه ، وعد بالإحصاء ما حصل ، فدفع إلى الوالي من كل عشرة آلاف جوزة ألف جوزة ، وأمسك لنفسه تسعة آلاف ، فيجتمع للوالي ـ أعني والي الجوازات ـ من ذلك خمسمائة الف جوزة وأكثر ، ومما ينمحق من ذلك بالمسامحة فيه عند ضمه مع ما تعذر نقضه ، (٧٧ ـ و) لبعد فروع أشجاره وتعذر وصول الناس إليه ، اكثر مما وصفت ، فتمتليء بيوت الجوزانيين كلهم من الجوز يرتفقون به مدة أيام الشتاء ، ويتهادونه إلى طرسوس ، الى ذي موداتهم وقراباتهم.
وفي فضاء من عمل الجوزات منبت للأشنان الزبطري ، فإذا تناهى إدراكه ضموه وارتفقوا به من هدية وبيع واستعمال.
وفي هذا الجبل أشجار مخصوصة بأوكار البزاة يغتادها قوم من الجوزانيين ،