عدنا إلى ما ذكره البلاذري قال : وقال أبو النعمان الأنطاكي : كان الطريق فيما بين أنطاكية والمصيصة مسبعة يعترض الناس فيها الأسد ، فلما كان الوليد بن عبد الملك شكي ذلك إليه ، فوجه أربعة آلاف جاموسة وجاموس ، فنفع الله بها ، وكان محمد ابن القاسم الثقفي عامل الحجاج على السند بعث منها بألوف جواميس ، فبعث الحجاج إلى الوليد منها بما بعث من الأربعة الآلاف ، وألقى باقيها في آجام كسكر ، ولما خلع يزيد بن المهلّب فقتل ، وقبض يزيد بن عبد الملك أموال بني المهلب أصاب لهم أربعة آلاف جاموسة ، كانت بكور دجلة ، فوجه بها يزيد بن عبد الملك إلى المصيصة أيضا مع زطها ، فكان أصل (٥٣ ـ و) الجواميس بالمصيصة ثمانية آلاف جاموسة ، وكان أهل أنطاكية وقنسرين قد غلبوا على كثير منها واحتازوه لأنفسهم في أياه فتنة مروان بن محمد ، فلما استخلف أمير المؤمنين المنصور رحمه الله ، أمر بردها إلى المصيصة ، وأما جواميس أنطاكية فكان أصلها ما قدم به الزطّ معهم ، وكذلك جواميس بوقا.
وقال أبو الخطاب : بني الجسر الذي على طريق أذنه من المصيصة وهو على تسعة أميال من المصيصة سنة خمس وعشرين ومائة ، فهو يدعى جسر الوليد ، وهو الوليد بن يزيد بن عبد الملك المقتول.
قالوا : ولما كانت سنة خمس وستين ومائة أغزى المهدي رحمه الله ابنه هرون الرشيد صلوات الله عليه بلاد الروم ، فنزل على الخليج ، ثم خرج فرمّ المصيصة ومسجدها ، وزاد في شحنتها ، وقوى أهلها (١).
وقرأت في كتاب أبي زيد أحمد بن سهل البلخي في صفة الأرض والمدن قال : والمصيصة مدينتان إحداهما المصيصة والأخرى تسمى كفر بيّا على جانبي جيحان
__________________
(١) فتوح البلدان ، ١٧٢ ـ ١٧٣.