البلد الرابع :
بيت المقدس (١)
واسمه أيضا : «إيليا». وهو بلد فضائله لا تستقصى ، وشمائل بهجتها زائدة بمسجده الشريف الأقصى ، ثالث الحرمين (٢) ، وثاني المسجدين ، وأول القبلتين ، ذي الصخرة المعظّمة ، والقبّة النّضرة المحترمة ، لا تشدّ الرحال بعد المسجدين إلا إليه ، ولا تعقد الخناصر بعد الموطنين إلا عليه ، وبه صلّى
__________________
(١) انظر : «فضائل القدس»لابن الجوزي ، و «معجم البلدان»٥ / ١٦٦ ، و «مراصد الاطلاع»٣ / ١٢٩٦ ، و «الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل»لمجير الدين الحنبلي ، و «بيت المقدس والمسجد الأقصى»لمحمد شرّاب.
(٢) قوله : «ثالث الحرمين»من الخطأ الشائع ؛ فليس ثمّ حرم إلّا بمكة والمدينة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمهالله ـ : «الأقصى : اسم للمسجد كلّه ، ولا يسمّى هو ولا غيره حرما ؛ وإنّما الحرم بمكّة والمدنية خاصة»«اقتضاء الصراط المستقيم»٢ / ٣٤٦.
وقال : وليس ببيت المقدس مكان يسمّى «حرما»، ولا بتربة الخليل ولا بغير ذلك من البقاع إلّا ثلاثة أماكن :
أحدها : هو حرم باتفاق المسلمين وهو حرم مكة ـ شرّفها الله تعالى ـ.
الثاني : حرم عند جمهور العلماء ، وهو حرم النبي صلىاللهعليهوسلم من عير إلى ثور ، بريد في بريد ؛ فإنّ هذا حرم عند جمهور العلماء ، كمالك والشافعي وأحمد ، وفيه أحاديث صحيحة مستفيضة عن النبي صلىاللهعليهوسلم.
الثالث : «وج»وهو واد بالطائف ؛ فإنّ هذا روي فيه حديث رواه أحمد في «المسند»وليس في الصّحاح ، وهذا حرم عند الشافعيّ لاعتقاده صحّة الحديث ، وليس حرما عند أكثر العلماء ، وأحمد ضعّف الحديث المرويّ فيه فلم يأخذ به. وأما ما سوى هذه الأماكن الثلاثة فليس حرما عند أحد من علماء المسلمين ؛ فإن الحرم : ما حرّم الله صيده ونباته ، ولم يحرّم الله صيد مكان ونباته خارجا عن هذه الأماكن الثلاثة. ا ه «مجموع الفتاوى»١٧ / ٢٥.
وانظر «معجم المناهي اللفظية»للشيخ بكر أبو زيد صفحة (٢٠٩).