مولده ونشأته :
ولد في ربيع
الأول سنة إحدى وثلاثين وثمان مئة ، بحارة بهاء الدّين ؛ علو الدّرب المجاور
لمدرسة شيخ الإسلام البلقيني ، محلّ أبيه وجدّه. ثمّ تحوّل منه حين دخل في الرابعة
مع أبويه لملك اشتراه أبوه مجاور لسكن شيخه ابن حجر ، ممّا كان له الأثر البالغ في
انتفاعه به كما سيأتي.
حفظ كثيرا من
المختصرات ، وقرأ على ابن خضر ، والجمال ابن هشام الحنبلي ، وصالح البلقيني ،
والشرف المناوي ، والشّمّني ، وابن الهمام ، وابن حجر ، وداوم الملازمة له حتى حمل
عنه علما جمّا ، واختصّ به كثيرا ؛ حتّى كان من أكثر الآخذين عنه. وأعانه على ذلك
قرب منزله منه ، فكان لا يفوته ممّا يقرأ عليه إلّا النادر ؛ إما لكونه حمله ، أو
لأنّ غيره أهمّ منه. وينفرد عن سائر الجماعة بأشياء.
وعلم ابن حجر
شدّة حرصه على ذلك ، فكان يرسل خلفه أحيانا بعض خدمه لمنزله يأمره بالمجيء
للقراءة.
وقرأ على شيخه
الاصطلاح بتمامه ، وسمع عليه جلّ كتبه ، وأذن له في الإقراء والإفادة والتّصنيف ،
وصلّى به إماما التراويح في بعض ليالي رمضان ، وتدرّب به في طريق القوم ، ومعرفة
العالي والنّازل ، والكشف عن التّراجم والمتون ، وسائر الاصطلاح ، وغير ذلك.
ولم ينفكّ عن
ملازمة شيخه ولا عدل عنه بملازمة غيره من علماء الفنون ؛ خوفا على فقده ، ولا
ارتحل إلى الأماكن النائية ؛ بل ولا حجّ إلا بعد وفاته ، لكنّه حمل عن شيوخ مصر
والواردين إليها كثيرا من دواوين الحديث وأجزائه ، بقراءته وقراءة غيره في الأوقات
التي لا تعارض أوقاته عليه غالبا.