نزل الحصبة عمر ـ رضي الله عنه ـ وارتحل من آخر الليل أقبل راكب فقال : أين كان منزل أمير المؤمنين؟ فأشير له إليه ، قالت : فأناخ ورفع عقيرته يتغنى ، فقال :
عليك السلام من أمير وباركت |
|
يد الله في ذاك الأديم المخرّق |
فمن يجر أو يركب جناحي نعامة |
|
ليدرك ما قدّمت بالأمس تسبق |
قضيت أمورا ثمّ غادرت بعدها |
|
نوائح في أكمامها لم تفتّق |
قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : إعلموا إليّ علم هذا الرجل فلم يجدوا في مكانه أحدا.
قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : إني لأحسبه من الجن ، فلما قتل عمر ـ رضي الله عنه ـ نحل الناس بهذه الأبيات شمّاخ (١) ، أو جمّاع بن ضرار.
وقال امرؤ القيس بن حجر الكنديّ (٢) في المحصّب يذكره :
فلله عينا من رأى من تفرّق |
|
أشتّ ، وأنأى من فراق المحصّب |
وقال الكميت بن [زيد](٣) أيضا في ذلك :
إذا ما قضيت من أهل يثرب حاجة |
|
فمكة من أوطانها فالمحصّب |
__________________
(١) الشمّاخ بن ضرار بن سنان بن أميّة بن ذبيان ، صحابي مخضرم. ترجمته في الإصابة ٢ / ١٥١ ـ ١٥٢ ، والأغاني ٩ / ١٥٨.
(٢) ديوانه ص : ٤٩.
(٣) في الأصل (يزيد) وهو خطأ. والكميت بن زيد بن خنيس الأسدي ، شاعر اشتهر في العصر الأموي ، وكان عالما بتاريخ العرب ولغتهم وأنسابهم وأخبارهم ، ذا ميل لبني هاشم ، وأكثر من مدحهم ، مات سنة (١٢٦).
ترجمته في الشعر والشعراء ٢ / ٥٨١ ، ومعجم الشعراء ص : ٢٣٨ ، والأغاني ١٧ / ١ ـ ٤١.